عن أبي هريرة (رضي اللّه عنه) قال: “أوصاني خليلي محمد بصيامِ ثلاثَةِ أيام مِن كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أُوتِرَ قبل أن أنام.”
عن عائشة (رضي اللّه عنها)، قالت: “ما رأيتُ رسول اللّه (صلى الله
عليه وسلم) يُصلي سُبْحةَ الضحى، وإني لأُسبِّحُها” (رواه البخاري).
وروي أيضاً من حديث مُوَرِّقٍ العِجلي، قلتُ لابن عمر: أتُصلي
الضحى؟ قال لا، قلتُ: فَعُمَر؟ قال: لا، قلتْ: فأبو بكر؟
قال: لا. قلت: فالنبيُّ (صلى الله عليه وسلم)؟ قال: لا إخاله.
وذكر عن ابن أبي ليلى قال: ما حدثنا أحد أنه رأى النبي (صلى الله
عليه) وسلم يُصلي الضحى غيرَ أم هانىء، فإنها قالت: “إن النبي (صلى الله
عليه وسلم) دخل بيتَها يومَ فتح مكة، فاغتسل، وصلَّى ثمانَ ركعات، فلم أرَّ
صلاةً قطُّ أخفَ مِنها، غير أنهُ يُتم الركوعَ و السجود” (رواه
البخاري).
وعن عبد اللّه بن شقيق قال: سألت عائشة هل كان رسولُ اللّه (صلى الله
عليه وسلم) يُصلي الضحى؟ قالت: لا إلا أن يَجيءَ مِن مغيبه. قلتُ:
هل كان رسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقْرُنُ بين السور؟ قالت:
مِن المفصل” (رواه مسلم).
وعن عائشة أيضًا، قالت: كان رسولُ اللّه (صلى الله عليه وسلم) يُصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء اللّه” (رواه مسلم).
وعن أم هانئ “أن رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) صلَّى يوم الفتح ثمان ركعات وذلك ضحى” (رواه البخاري ومسلم).
وقال الحاكم في (المستدرك): حدثنا الأصم، حدثنا الصغاني، حدثنا
ابن أبي مريم، حدثنا بكر بن مضر، حدثنا عمرو بن الحارث، عن بكر بن الأشج،
عن الضحاك بن عبد اللّه، عن أنس (رضي اللّه عنه) قال: “رأيتُ رسول اللّه
(صلى الله عليه وسلم) صلى في سفر سُبْحةَ الضُّحى، صلَّى ثمانَ ركعات، فلما
انصرف، قال: (إِنِّي صَلَّيْتُ صلاَةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ،
فَسَأَلْتُ رَبِّي ثَلاَثاً، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَمَنَعَنِي
وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَلاَ يَقْتُلَ أُمَّتِي بِالسِّنِينَ فَفَعَلَ،
وسألتُه أَلاَّ يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً، فَفَعَلَ، وَسَأَلْتُهُ
أَنْ لاَ يُلبسَهُمْ شِيَعاً فَأَبَى عَلَيَّ)” قال الحاكم صحيح قلت:
الضحاك بن عبد اللّه هذا يُنظر من هو وما حاله؟.
وقال الحاكم: في كتاب (فضل الضحى): حدثنا أبو بكر الفقيه،
أخبرنا بشر بن يحيى، حدثنا محمد بن صالح الدولابي، حدثنا خالد بن عبد اللّه
بن الحصين، عن هلال بن يساف، عن زاذان، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
صلَّى رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) الضحى، ثم قال: “اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لي، وَارحَمْني، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ الغَفُورُ” حتى قالها مائة مرة.
حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا أسد بن عاصم، حدثنا الحصين بن حفص، عن
سُفيان، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، أن رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم)،
صلَّى الضحى ركعتين، وأربعاً، وستاً وثمانياً.
وقال الإِمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عثمان بن عبد
الملك العمري، حدثتنا عائشة بنت سعد، عن أم ذرة، قالت: رأيتُ عائشة (رضي
اللّه عنها) تُصلي الضُّحى وتقول: “ما رأيتُ رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) يصلي إلا أربعَ ركعات”.
وقال الحاكم أيضاً: أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد المروزي، حدثنا أبو
قِلابة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا أبو عَوانة، عن حصين بن عبد الرحمن، عن
عمرو بن مرة، عن عمارة بن عمير، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه أنه رأى رسول
اللّه (صلى الله عليه وسلم) يصلي صلاة الضحى.
قال الحاكم أيضاً: حدثنا إسماعيل بن محمد، حدثنا محمد بن عدي بن كامل،
حدثنا وهب بن بقية الواسطي، حدثنا خالد بن عبد اللّه، عن محمد بن قيس، عن
جابر بن عبد اللّه، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى الضُّحى ستَّ
ركعات.
ثم روى الحاكم عن إسحاق بن بشير المحاملي، حدثنا عيسى بن موسى، عن جابر،
عن عمر بن صبح، عن مقاتل بن حيان، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عائشة
وأم سلمة (رضي اللّه عنهما)، قالتا: كان رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم)
يُصلي صلاة الضحى ثنتي عشرة ركعة، وذكر حديثاً طويلاً.
وبه إلى أبي الوليد. حدثنا أبو عَوانة، عن حُصين بن عبد الرحمن، عن
عمرو بن مرة، عن عِمارة بن عمير العبدي، عن ابن جبير بن مُطعم، عن أبيه،
أنه رأى رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) يُصلي الضحى. قال الحاكم: وفي
الباب عن أبي سعيد الخُدري، وأبي ذر الغِفاري، وزيد بن أرقم، وأبي هريرة،
وبُريدة الأسلمي، وأبي الدرداء، وعبد اللّه بن أبي أوفى، وعِتبان بن مالك،
وأنس بن مالك، وعُتبة بن عبد اللّه السلمي، ونعيم بن همَّار الغطفاني، وأبي
أمامة الباهلي رضي اللّه عنهم، ومن النساء، عائشة بنت أبي بكر، وأم هانىء،
وأم سلمة (رضى اللّه عنهن)، كلهم شهدوا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان
يُصليها.
فاختلف الناس في هذه الأحاديث على طرق، منهم من رجح رواية الفعل على
الترك بأنها مثبتة تتضمن زيادةَ علم خفيت على النافي. قالوا: وقد يجوز
أن يذهب علمُ مثل هذا على كثير من الناس، ويُوجد عند الأقل. قالوا: وقد
أخبرت عائشة، وأنس، وجابر، وأم هانىء، وعليُّ بنُ أبي طالب، أنه صلاها.
قالوا: ويؤيد هذا الأحاديثُ الصحيحة المتضمنةُ للوصية بها، والمحافظةِ
عليها، ومدحِ فاعلها، والثناءِ عليه، ففي (الصحيحين) عن أبي هريرة (رضي
اللّه عنه) قال: “أوصاني خليلي محمد بصيامِ ثلاثَةِ أيام مِن كل شهر،
وركعتي الضحى، وأن أُوتِرَ قبل أن أنام”.
وعن مُعاذ بن أنس الجُهَني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال:
”مَن قَعَدَ في مُصَلاَّهُ حينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ
حَتَّى يُسَبِّحَ رَكعتَي الضُّحى لا يقول إِلاَّ خَيراً، غَفَرَ الله
خَطَايَاهُ وإِن كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البحْر” (رواه أحمد).
وعن زيد بن أرقم أنه رأى قوماً يُصلون من الضحى في مسجد قُباء، فقال:
أما لقد عَلِموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضلُ إنَّ رسول اللّه (صلى
الله عليه وسلم) قال: ”صلاَةُ الأوَّابين حينَ تَرْمَض الفِصَالُ” (رواه
مسلم).
وفي الباب أحاديث سوى هذه، لكم هذه أمثلها قال الحاكم: صحبتُ جماعةً
من أئمة الحديث، فوجدتهم يختارون هذا العددَ، يعني أربعَ ركعات، ويُصلون
هذه الصلاة أربعاً، لتواتر الأخبار الصحيحة فيه، وإليه أذهب، وإليه أدعو
اتِّباعاَ للأخبار المأثورة، واقتداء بمشايخ الحديث فيه.
قال ابن جرير الطبري وقد ذكر الأخبارَ المرفوعةَ في صلاة الضحى، واختلاف
عددها: وليس في هذه الأحاديث حديثّ يدفع صاحبه، وذلك أن من حكى أنه صلى
الضحى أربعاً جائز أن يكون رآه في حال فعلِه ذلك، ورآه غيرُه في حالٍ أخرى
صلى ركعتين، ورآه آخرُ في حال أخرى صلاها ثمانياً، وسمعه آخر يحثّ على أن
يُصلي ستاً، وآخر يحثُّ على أن يُصلي ركعتين، وآخر على عشر، وآخر على ثنتي
عشرة، فأخبر كلُّ واحد منهم عما رأى وسمع. قال: والدليل على صحة قولنا،
ما روِيَ عن زيد بن أسلم قال. سمعتُ عبد اللّه بن عمر يقول لأبي ذر:
أوصني يا عم، قال: سألتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كما سألتني،
فقال؟ (مَنْ صَلَّى الضّحَى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يكْتَبْ مِن
الغَافِلِينَ، وَمَنْ صَلًى أربَعاً، كتِبَ مِنَ العَابِدين، ومَن صَلَّى
سِتّاً، لَمْ يَلْحَقْةُ ذَلِكَ اليَوْمَ ذَنْبٌ، وَمَنْ صَلَّى ثَمانِياَ،
كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، ومَنْ صَلَّى عَشْراً بَنى اللَّه لَهُ بَيْتا
في الجَنَّة).
وقال مجاهد: صلَّى رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم يوماً الضحى
ركعتين، ثم يوماً أربعاً، ثم يوماً سِتّاً، ثم يوماً ثمانياً ثم تركَ.
فأبان هذا الخبر عن صحة ما قلنا من احتمال خبر كل مُخْبِرٍ ممن تقدم أن
يكون إخبارُه لِما أخبر عنه في صلاة الضُّحى على قدر ما شاهده وعاينه.
والصواب: إذا كان الأمر كذلك: أن يُصلّيها من أراد على ما شاء من
العدد. وقد روِيَ هذا عن قوم من السلف حدثنا ابنُ حميد، حدثنا جرير، عن
إبراهيم، سأل رجل الأسود، كم أصلي الضحى؟ قال: كم شئت.
إرسال تعليق