0

سلسلة “كيف تتلذذ بالصلاة؟” مع الشيخ مشاري الخراز.

الصلاة… أساس شخصيّة المُسلم، فبها يُطهّر قلبه، ويَتعمّق إيمانه، وتتـّصل روحه بالملأ الأعلى، وتنظّم أموره، فتقوى لديه دوافع البرّ والإحسان والصّلاح وفعل الخيرات. لذا فإن للصلاة أثر إيجابي في تنظيم المجتمع. والصلاة… طريق الهدى، والباعثة للحياة، وسبب تحرّر الإنسان من الضّياع، والسّير على سنن الأنبياء عليهم السلام.

نبدأ مع الحلقة الثانية من سلسلة “كيف تتلذذ بالصلاة؟” مع الشيخ مشاري الخراز حيث يحدثنا عن أسرار وفضل الصلاة في الشريعة الإسلامية. كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه، فقيل له: ما لك؟ فيقول: جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتُها.

وكان مسلمة بن بشار يصلي في المسجد فانهدم طائفة منه فقام الناس وهو في الصلاة لم يشعر، ولقد بلغنا أن بعضهم كان كالثوب الملقى، وبعضهم ينفتل من صلاته متغير اللون لقيامه بين يدي الله عز وجل. وبعضهم إذا كان في الصلاة لا يعرف من على يمينه وشماله. وبعضهم يصفر وجهه إذا توضأ للصلاة، فقيل له إنا نراك إذا توضأت للصلاة تغيرت أحوالك، قال: إني أعرف بين يدي من سأقوم.

تحدث الشيخ مشاري في الحلقتين السابقتين عن بعض العبادات القلبية لحصول الخشوع في الصلاة، كحضور القلب، والفهم، والرجاء. واليوم يتحدث عن شعور جديد ألا وهو الهيبة. قال ابن القيم (رحمه الله): ”الوجل والخوف والخشية والرهبة ألفاظ متقاربة غير مترادفة ” قال: ”قيل: إن الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره، وقيل اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف”.

ويقول رحمه الله: ”الخشية أخص من الخوف؛ فإن الخشية للعلماء بالله” وأخذ هذا من قول الله تعالى: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”. (فاطر:28) فالعلماء هم الذين يخشون الله؛ لأن الناس في هذا أنواع:

فالنوع الأول: العالم بالله، والعالم بدين الله، فهم من يخشى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

النوع الثاني: عالم بالله غير عالم بدين الله، وهذا الذي وقع فيه كثير من العباد، فهو لديه حقائق الإيمان واليقين والإخلاص والرجاء والرغبة والخوف؛ ولكنه غير عالم بدين الله، فلا يعرف الحلال من الحرام، وربما وقع في البدعة فخرج عن طريق الإيمان والعلم، ولم يعد عالماً بالله.

النوع الثالث: من ليس عالماً بالله ولا عالماً بدين الله، وهذا حال أكثر الخلق، نسأل الله العفو والعافية.

يقول ابن القيم: ”فهي -أي: الخشية- خوف مقرون بمعرفة، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إني أتقاكم لله، وأشدكم له خشية” وفي رواية أخرى: إني لأعلمكم بالله، وأشدكم له خشية} فالخشية مقترنة بالعلم، ففيها زيادة العلم والمعرفة بالمعبود سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبيَّن ابن القيم الفرق بينهما فقال: ”فالخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض.
______________________________

المصدر: قناة ام بي سي على اليوتيوب.



إرسال تعليق

 
Top