0

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ)، قال: فَرَددْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: (لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) متفق عليه.

يُعدُّ النوم موتة صغرى، ولا يدري المرء منا متى يحين أجله، يقول الله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (الزمر: 42)؛ قال الإمام القرطبي في المفهم: "النوم والموت يجمعهما انقطاع تعلق الروح بالبدن، وذلك قد يكون ظاهراً وهو النوم -ولذا قيل: النوم أخو الموت-، وباطنا وهو الموت، فإطلاق الموت على النوم يكون مجازاً، لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن"؛ ولذا ينبغي أن نستعد لذلك بالوضوء قبل النوم.

وقد بوّب الإمام البخاري في صحيحه فقال: "بَاب فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ"، ثم ذكر حديث البراء الذي معنا، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "النكتة في ختم البخاري كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أُمِرَ به المُكَلَّفُ في اليقظة، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في نفس الحديث: (وَاجْعَلْهُنَّ آخَر مَا تَقُولُ)، فأشعر ذلك بختم الكتاب، والله الهادي للصَّوَاب"، وذَكر الحافظ فوائد الوضوء قبل النوم في موضع آخر فقال: "الأولى: أن يبيت على طهارة، لئلا يبغته الموت فيكون على هيئة كاملة، والثانية: أن ذلك أصدق لرؤياه، وأبعد من تلاعب الشيطان به".

ومن فضائل الوضوء قبل النوم أيضا: أن من بات طاهرًا بات معه ملك يستغفر له، روى الإمام ابن حبان وغيره مرفوعا: (من بات طاهرًا، بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان، فإنه بات طاهرًا) قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره.

فلنحرص على إحياء هذه السُّنَّة المباركة، بتطبيقها وحث الناس عليها، حتى ننال أجرها وفضلها، وأجر إحياء سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.

إرسال تعليق

 
Top