0

يؤكد أطباء الطب النفسي أن معظم الشواذ جنسياً تعرضوا للتحرش والاعتداءات الجنسية من الأقارب أو أشخاص عاملين لدى الأسرة كالسائق أو الخادم أو البواب.. وغيرهم في غياب دور الآباء، وهنا تأتى الكارثة، والمسئولية الكبرى تقع على عاتق الأهل في ظل غياب الرقابة.. فكيف نحمي أبنائنا من الوقوع تحت وطأة الشذوذ الجنسي.
تعرض “بريد الجمعة” بصحيفة الأهرام المصرية الأسبوع الماضي إلى هذه المشكلة خلال قصة شاب جعلته الظروف شاذ جنسياً نتيجة لاعتداءات تعرض لها فى مرحلة الطفولة، تتلخص القصة في أن هذا الشاب نشأ بأسرة مرموقة عاش طفولة سعيدة إلى أن توفي والده فى حادثة سيارة وكان عمره تسع سنوات، وفى هذا العمر كانت بداية المأساة عندما تقدم شاب من أحد محافظات مصر لخطبة أخته واستطاع أن يكتسب حب الجميع، وأعتقد ببراءة الطفولة أن هذا الشخص سيكون بمثابة أب أو أخ أكبر له..
واسترسل الشاب فى رسالته قائلاً: بعد فترة من الخطوبة عرضت أمي على العريس أن يبيت عندنا حتي لا يعود إلي مدينته في وقت متأخر مستندة ‏,‏ والطبيعي أن يبيت هذا العريس معي في حجرتي‏.. فى هذه الليلة نام بجواري في فراشي، خطيب شقيقتي احتضنني طبطب على ، أصابعه حنت على جسدي فشعرت بسعادة واطمئنان حتي خلته في لحظات كأنه أبي ‏,‏ قال لي لا تخف أنا أحبك وسأجعلك سعيدا‏,‏ فعل معي أشياء غريبة‏ ,‏ لم أفهمها ولم أعترض عليها‏,‏ كل ما أحسست به هو أمان ما لم أعرفه أو أحسه من قبل ولا أعرف أنه خطأ بل جريمة‏,‏ ما استوقفني وأنا لم أناقشه هو انه طلب مني أن يظل ما حدث سرا بيننا‏,‏ كنت عند حسن ظنه ولم أبح بما حدث لأحد‏,‏ فلم تكن أمي تتحدث معي في أي شيء سوي الدراسة‏,‏ كل ما يشغلها هو تفوقي وكنت أفعل‏.
‏تكرر مرات عديدة في كل زيارة كان يأتي فيها العريس إلينا‏,‏ لا أخفيك كنت أنتظره وأفتقد حضنه وذلك الإحساس الخفي بأنه أبي‏,‏ لذلك لم يفهم أحد في البيت لماذا انهرت بالبكاء عندما حدثت مشكلات أدت إلي فسخ الخطبة، عشت شهورا عديدة متألما أشعر بالوحدة والفزع حتي انتقلت إلي المرحلة الإعدادية‏ اختارت لي أمي مدرسا شهيراً ‏,‏ واشترطت ان يعطيني درسا خاصا بمفردي حتي يتفرغ لي ويتقن تعليمي‏,‏ ولأن هذا المدرس لا يذهب للتلاميذ في بيوتهم‏,‏ فكانت أمي تصطحبني مرتين في الأسبوع إليه في شقته.. وتعود لتأخذني‏,‏ بعد حصص قليلة حدث ما يمكن توقعه‏ ,‏ بدأ هذا المدرس يتلمس جسدي‏,‏ يدللني وكأنه يتأكد مني‏.. ‏ كنت فريسة سهلة مهزومة صامتة‏,‏ ظللت مع هذا المدرس سنوات حتي أدركت ما أنا فيه‏ ,‏ نعم أنا منحرف‏,‏ غير طبيعي‏.. ‏ كرهت نفسي وكرهت أمي‏,‏ ولكني كنت قد فقدت أي قدرة علي المقاومة أو الانسحاب‏,‏ فأنا وكما قلت بلا أي شخصية‏,‏ بدأت أقرأ حول هذا الموضوع وعرفت اني شخص منبوذ وأن عقابي سيكون جهنم‏,‏ فزعت وامتنعت وحاولت الانتحار ولكن إرادة الله كانت غير ذلك‏. ‏
نجحت بتفوق في الثانوية العامة كما أرادت أمي‏,‏ والتحقت بكلية الطب‏,‏ و‏يبدو أن هناك ملامح لمن هم مثلي‏,‏ فقد تقرب مني آخرون يشبهونني‏,‏ حرضوني وأغروني‏,‏ قاومت ولكن في النهاية ضعفت‏,‏ ودخلت إلي دائرة السقوط التي لا تنتهي‏. ‏. تعبت‏، سعيت إلي العلاج ولكني فشلت‏ ,‏ لا يوجد لدينا أطباء متخصصون‏,‏ ألزمت نفسي بالصلاة في المساجد‏,‏ اعتزلت الجامعة أسابيع متصلة‏,‏ أهملت في مظهري‏,‏ أطلقت لحيتي‏,‏ ولكن ما أن أعود إلي الجامعة حتي أسقط مرة أخري‏,‏ قطعت شراييني وأنقذتني أمي‏.. ‏ تقودني أقدامي إلي من هم مثلي‏,‏ تجمعات معروفة في وسط المدينة أو علي كوبري قصر النيل‏.. ‏ أتعرض أحيانا للضرب والسرقة.. ” وفى النهاية يطلب صاحب الرسالة حل سريع وجذري لمأساته.
اتقرب منهم
كما وصل لصفحة أوتار القلوب مشكلة مشابهة لشاب أسمه أحمد عمره 19 عاماً من بنى سويف يشكو قائلاً: طلبي صغير أريد أن أعيش كأي فرد له أسرة مكونة من أم وأب وأخوات والمشكلة لدي في الأب، أتمنى أن أشعر بهذا الحب حب الأب لابنه، أبى توفى وأنا عمري 5 سنوات اختلي بنفسي كثيراً بالليل وأبكى، حتى وصل بي الأمر إلى أني أبحث عليه بين الناس، لدرجة أني كنت اتجه إلى سلوكيات خاطئة كي أقترب منهم، أى رجل فوق45سنة أحاول القرب منه، وأخيراً وجدت هذا الرجل أحببته أكثر من أبي، ولكن للأسف أتصرف معه تصرفات مخلة بالآداب، وأشعر أنه أقترب منى من أجل هذا فقط مع العلم أنه ليس لديه أولاد، عند رؤيته أكون سعيد جداً، وعندما يبتعد عني أشعر أني “مخنوق”.. حد يقولى أعمل إيه أرجو الرد وعدم الإهمال.
ليس مرضاَ
وعن الشذوذ الجنسي وأسبابه يقول الدكتور هشام حتاتة استشاري الطب النفسي - جامعة عين شمس - للأسف هذا الأمر موجود فعلاً بيننا بشكل ملحوظ ولا نستطيع أن ننكر وجوده، والغريب أن بعض الحالات تجد تعاطفاً كبير من الناس بالرغم من أن صاحب المشكلة شاذ جنسياً، هذا التعاطف يدل على أن المسؤولية لا تقع دوماً على صاحبها، ولكن هناك آخرين يتحملوا ما وصل إليه هذا الشخص وهم الأهل فى معظم الأحوال.
ويرفض د. هشام حتاتة تماماً أن يكون للشذوذ أو المثلية الجنسية وهو الميل إلى نفس الجنس أسباب بيولوجية “مرضية” كما يعتقد البعض، لأن القرآن الكريم هو الدستور الذي يعيش عليه البشر وحسم هذا الأمر يقول الله تعالي فى سورة الأعراف “وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ” ومعنى الآية الكريمة يؤكد أن “اللواط” لم يعرف من قبل قوم لوط وهذا يعنى أنه ليس “مرضاً” وتوعد الله تعالي إلى هؤلاء بعذاب أليم فإذا كان مرضاً فلم يحاسب صاحبه إذا وليس على المريض حرج، ولكن هذا الأمر مخالف لطبيعة الإنسان الذي يخلق سوياً كما قال الله تعالي ” وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا”.
وقامت العديد من الأبحاث في السبعينات والثمانينات للبحث عن أسباب المثلية الجنسية على شواذ الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ولم يستطع العلماء التوصل إلى نتيجة قاطعة بأن للشذوذ أسباب بيولوجية وخاصة أنهم لا يخضعون أبحاثهم إلى الدين والروحانيات، ولكن الدليل القاطع فى القرآن الكريم، بالإضافة إلى أن جميع الأديان السماوية حرمت الشذوذ الجنسي، والتوبة مفتوحة إلى الجميع وبإمكان هذا الشخص أن يتوب إلى الله وهو مدرك تماماً لما يفعله من جريمة في حق نفسه وحق الله سبحانه وتعالي، ولكن الأهم هو كيف نتصرف مع الأطفال الذين لا يستطيعون حسم هذا الأمر وليس لديهم إدراك أو بصيرة، وكيف نحمى أبنائنا من هذا الأمر.
ويرجع د. حتاتة الأسباب الأقوى للشذوذ الجنسي إلى أسباب نفسية وتربوية، أبرزها يرجع إلى الأم المتسلطة أو الأب الضعيف جداً أو قهري جداً، أيضاً عقدة ” أوديب ” في الطب النفسي قد تؤدي إلى المثلية، وهى أن يغير الولد من حب أبوه لأمه، فتبدأ العقدة أن يكره الطفل أبيه، وإذا لم تعالج هذه الحالة بسرعة، سيلجأ إلى حيل دفاعية تؤنبه على موقفه العدائي من الأب، وهنا يقول فرويد فى هذه الحالة من الممكن أن تدفع الطفل لأن يحب نفس جنسه ويميل إليه.
أو أن يتربي الولد في مجتمع أنثوي جدا فيتصرف مثل البنات وتكون أول خطوة على الطريق ، ولفت د. حتاتة الانتباه إلى أن دور الأم مهم في إدراك لهويته الجنسية عندما يبلغ عمر 3 سنوات، ويمنع تماما في هذا العمر أن يرتدي لبس البنات أو التشبه بهن، ولا بأس من إتباع هذا الأمر فى السنة الأولى من العمر فقط.
أحد أسباب انتشار الشذوذ الجنسي فى بعض دول الخليج هي “الكبت الجنسي” نتيجة التربية المنعزلة تماماً عن الجنس الآخر بدون توعية جيدة من الأهل، وهنا لا يعرف الطفل ماهية “البنت” وطبيعتها المختلفة، وعندما يبلغ الطفل عمر 3 سنوات تكون لديه رغبة طبيعية في اكتشاف جسمه وأعضاؤه الجنسية، أما في عمر 6 سنوات من الطبيعي أن يتساءل ما الفرق بين البنت والولد، فيكتشف أنه سيعاقب عندما يسأل عن البنت، ولا يجد سوى الأولاد من نفس جنسه، والاستكشاف مرحلة طبيعية من عمر الطفل قد تجلب مشاكل في جو يسوده الكبت ومنع التعامل مع الجنس الآخر، وعندما يصل الولد إلى مرحلة ما قبل المراهقة من 9 سنوات: 11 ولا يختلط سوى بالأولاد فيجرب الاستكشاف على الآخر عن طريق اللمس فيشعر الطفل بلذة يكررها وبهذه الطريقة يكون له ميول إلى نفس الجنس.
كارثة أخري كبري وهى اعتماد الأم على بعض الأشخاص فى التربية والخدمة كالخادمة والسائق والبواب، وقد يكون أحد هؤلاء الأطفال يعانى من عقد نفسية ومشاكل جنسية تعرض الطفل للتحرش والاعتداء، فأين دور الأمهات اللآتى قال عنهن رسول الله “الجنة تحت أقدام الأمهات”.. بالطبع أن هذا النوع بعيد جداً عن الجنة التي وعدها الله للأمهات اللاتى يحسن تربية أبنائهم، ولسن من يعتمدن على أشخاص غرباء.
والطبيعي أن نجد الطفل فى عمر 3 سنوات يميل للعب مع طفل من نفس جنسه فى هذا العمر ولا خوف من ذلك، ولكن المثلية الجنسية هي عقدة نفسية تؤدي إلى تفاقم هذا الميول أهلته لأن يكون الولد شاذ، هذه العقدة تتولد نتيجة التربية خاطئة من أب قهري يضربه ضرب مبرح، فتنعكس على الطفل لتجعله خجول وانطوائي وعندما يبلغ 6 سنوات سن دخول المدرسة لا يستطيع أن يبنى صداقات بين الأولاد فيطلقون عليه لقب “الواد المايع” وتكون بداية للشذوذ، أيضاً إذا تربي الطفل فى غياب الأب التام وكانت الأم تتمتع بشخصية مسيطرة، فيشعر أنه ضعيف كالبنت ضعيف ويشعر أنه مختلف عن كل الأولاد ومن هنا تكون بداية الفكرة، ويؤكد لنفسه أنه لديه نقص.
يؤدي لزنا المحارم
ويؤكد د. حتاتة أنه لا يجب أن نقول أن الكبت الجنسي هو السبب نتيجة عدم الاختلاط، لأن هناك دول تسمح بالاختلاط الطبيعي بين الجنسين مثل مصر ولكن ظهر بها الشذوذ الجنسي فى العشرون سنة الأخيرة نتيجة انتشار الفضائيات والانترنت، مما جعل الطفل فى مرحلة ما قبل الإدراك يشاهد مشاهد إباحية أو يرى والديه أثناء ممارسة العلاقة الحميمة نتيجة لظروف اجتماعية ما، فيتساءل الطفل وتدور فى ذهنه بعض الأسئلة “ما هذا” ، “ماذا يفعلون” و”كيف أفعل مثلهم “، ويبدأ بتجربة ما رآه مع أخوه أو أخته ومن هنا يظهر زنا المحارم والشذوذ الجنسي.
والولد فى هذا العمر يحدث له تشويش فى الفكر، ونفس الشئ يحدث إذا تعرض للتحرش أو الاعتداء، ويسمع من الشيوخ عقاب الزنا وكل هذه الأمور وهو طفل لا يدرك ولا يستطيع أن يتوب كالشخص الكبير، وهنا يفكر في أنه سيعاقب دينياً وأسرياً إذا ما فضح الأمر، وهنا يبدأ حدوث خلل فى جهازه العصبي يؤدي بالطفل إلى ثلاث تصرفات إما انتقام من المتحرش سواء كان قريب أو غريب في طفل آخر، أو يحدث له تبلد فى المشاعر، أو يتأكد أنه أصبح شاذ جنسياً بالفعل ويعاقب نفسه ويدخل في حالة سيئة من الاكتئاب نتيجة عدم الإدراك والخلل في الهوية الجنسية، ويؤكد لنفسه أنه خلق في هذه الحالة، وتكون أول بداية الشعور بالخطيئة التى تتولد لدى الطفل ويكون لديه شبه وسواس قهري وجلد للذات ويتقبل فكرة أنه شاذ.
وفى النهاية نبه د. هشام حتاته على ضرورة انتباه الآباء والأمهات لطرق التربية السوية وعدم ترك الأبناء لشخص غريب بمفرده، مشيراً إلى أن أول خطوات العلاج هي الاعتراف وطلب المساعدة لأن الشذوذ الجنسي له علاج.

إرسال تعليق

 
Top