0

الغريزة الجنسية طاقة موجودة فى كل الناس لتؤدى وظيفة هامة وهى التكاثر وعمران الأرض ، ولكى يحدث هذا أحاطها الله بأحاسيس سارة ولذيذة كى تدفع الناس لتحقيق هذه الأهداف ويتحملوا مسؤليات بناء الأسرة وتربية الأبناء ، ولكن نتيجة لبعض الظروف التربوية فى فترة الطفولة تتجه هذه الطاقة الجنسية اتجاهات مخالفة للمألوف ، وهذه الاتجاهات اعتبرت شاذة ( فى نظر الأديان والأعراف السليمة والعقلاء من البشر ) لأنها لاتساهم فى عمران الحياة فضلا عن أنها تقويض لمسار الحياة النفسية والاجتماعية والخلقية . وما من مجتمع تفشت فيه هذه الحالات حتى أصبحت ظاهرة إلا وأصابه الانهيار ( والمثال الأشهر هو قوم لوط ) وذلك لأن هذا السلوك يسير ضد تيار الحياه الطبيعية . ولكن للأسف الشديد فان المجتمعات الغربية حين تحررت من أواصر الدين ( لظروف خاصة بها) تحررت بالتالى من الكثير من الأخلاق المتصلة به ، وفضلت الاستسلام لنداءات الغريزة على أى وضع وفى أى اتجاه ، واعتبارها نشاطا بيولوجيا لايخضع للأخلاق ، وأعطوا أنفسهم الحرية فى ممارسته بأى شكل يريدون ، وقد ظنوا أنهم بذلك قد وجدوا الحل للصراعات والمشكلات الجنسية ، ولكن الواقع العملى أثبت أن الأمر عكس ذلك ، وهم يعانون الآن من رعب الايدز ومن تفكك الأسرومن أشياء أخرى كثيرة وما خفى كان أعظم ، لأن الله الذى خلق الانسان ونظم له حياته وحدد له مسارات طاقاته الغريزية يعلم ما يصلحه ويرشده اليه . بناءا على هذا فنحن نتفق على أننا لن نتبنى الموقف الغربى الداعى الى انفلات الغريزة فى أى اتجاه بلا ضابط ، ولن يخرج الشواذ فى شوارعنا فى جماعات تفخر وتباهى بشذوذها ، ولكن مع هذا يبقى عندنا مشكلة عدد من الناس ابتلوا بانحراف مسار الغريزة فى اتجاهات شاذة ( وهذه ظاهرة موجودة فى كل المجتمعات بنسب متفاوتة )، وهؤلاء على نوعين : 1 - نوع يرضى بذلك الشذوذ ويمارسه ( وربما يستمتع به ) ( Ego syntonic ) وهذا لانراه فى المجال العلاجى ولكن نسمع عن مشكلاته الأخلاقية أو القانونية . 2 - ونوع لايرضى بهذا الشذوذ ويتعذب به ولايمارسه ويسعى للخلاص منه ولكنه لايستطيع ( Ego dystonic ) وهذا النوع الأخير هو الذى نراه فى المجال العلاجى وينقسم أمامه المعالجون الى قسمين : 1 - قسم يستشعر صعوبة التغيير وصعوبة التحول وفى داخله رغبة الاستسهال والاستسلام للأمر الواقع ( كما حدث فى الغرب ) خاصة وأنهم لايجدون فى التراث العلمى ( الغربى فى مجمله ) وسائل وتقنيات وتجارب علاجية تؤنسهم فى مشوارهم الصعب مع مرضاهم الأصعب ، وهؤلاء يعلنون أن الشذوذ ليس له علاج . 2 - قسم يرى الأمر من كل جوانبه الطبية والاجتماعية والدينية ، ويرى فى هذا الشذوذ ابتلاءا يتعامل معه المريض والمعالج بصبر حتى ينقشع ، وهم يحتسبون الجهد والعناء عند الله ويرجون العون والمثوبة منه ويعتبرون ذلك رسالة يتقربون بها الى الله ولاييأسون مهما كانت نسبة نجاحهم قليلة بناءا على قاعدة : " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " وقاعدة : " لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم "، وهذه هى الروح التى نتمناها أن تسود فى مجتمعاتنا العربية والاسلامية ، كما نتمنى أن يطور المعالجون النفسيون وسائلهم العلاجية لحل هذه المشكلات حيث لاتوجد لها حلول فى المراجع الأجنبية أو توجد لها حلول لاتتفق مع شرائعنا وأخلاقنا فكل مايهمهم هو ازالة الشعور بالذنب لدى الشخص المتورط فى هذا السلوك وعلاجه من خجله أواكتئابه ومساعدته على المجاهرة بسلوكه على أنه شئ طبيعى لايستدعى أى مشاعر سلبيه . وعلاج حالات الجنسية المثلية ليس بالصعوبة التي يخشاها بعض الأطباء النفسيين , ولكنه يحتاج لمعرفة خاصة وفهم خاص لمثل هذه الحالات وتدريب خاص على كيفية مساعدتها . وهناك نماذج علاجية غربية للجنسية المثلية نذكر منها نموذج العلاج الإصلاحي ل "جوزيف نيكولسي" والذي أورده في كتابه : Reparative Therapy المنشور عام 2004 م , والذي يتلخص في : بداية الطريق العلاجي : مريض لديه الرغبة في التعافي , ومعالج متفهم ومتمرس ومثابر قبول الذات قوة الجنوسة , بمعنى تأثير الهوية الجنسية الهائل على السلوك تمكين الهوية الجنسية التعرف على معالم الذكورة والأنوثة إصلاح العلاقة مع الوالد العلاقة العلاجية , والتي تتلخص في الطرح , والإنتقال من الإعتمادية إلى الإستقلال , وإشباع الحاجة إلى الحب الوالدي والقبول , وعلاج الطرح المضاد والمقاومة . وهناك أيضا نماذج علاجية محلية يقوم بها الدكتور أوسم وصفي , والدكتور عمرو أبوخليل , وكاتب هذه السطور , وغيرهم . وسنحاول فيما يلي رسم خريطة موجزة لنموذج علاجي يناسب البيئة العربية والإسلامية , وهذا النموذج قد يطبقه المريض بنفسه (إن استطاع) وقد يطبقه بمساعدة معالج نفسي يواكب معه مراحل التغيير . هل الجنسية المثلية مرض كي تستوجب العلاج : على الرغم من حذف الجنسية المثلية من تقسيم الأمراض الأمريكي (تحت ضغط اللوبي الجنسي المثلي ولأسباب أغلبها سياسية وليست علمية) إلا أن هناك حالات كثيرة تأتي إلى العيادات النفسية تطلب العلاج من الجنسية المثلية وتداعياتها , والسبب في ذلك أن المثليين يعيشون حياة نفسية مضطربة (حتى في المجتمعات التي تقبلت سلوكهم الجنسي على المستوى القانوني والإجتماعي) , فهم أكثر إصابة بالإضطرابات النفسية , وأكثر إقداما على الإنتحار , وأقل تكيفا في العمل والحياة , وأكثر فشلا في العلاقات العاطفية والجنسية ولهذا يتعدد الشركاء العاطفيون والجنسيون بشكل كبير وأغلب العلاقات ,إن لم تكن كلها , علاقات مكسورة ومجهضة وفاشلة تتبعها آلام نفسية . كما أن المثليين أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الجنسية نتيجة تعدد العلاقات من ناحية , ونتيجة ممارسة الجنس عبر أعضاء ليست مهيأة لذلك . فإذا جئنا إلى المجتمعات ذات المرجعية الدينية والأخلاقية فإنه يضاف إلى كل ما سبق معاناة الشخص المثلي من رفض سلوكه بل ووصم ذلك السلوك وأحيانا وصم الشخص نفسه , ومن هنا يجد نفسه في صراع شديد بين ميوله الجنسية المختلفة وبين مرجعيته الدينية والأخلاقية وبين نظرة المجتمع له . دوافع المريض للعلاج : هناك ثلاث دوافع رئيسية وراء بحث المريض عن العلاج وهي : 1 – الدافع الديني , وهو من أقوى الدوافع الكامنة وراء الرغبة في التغيير ليس فقط في المجتمعات العربية أو الشرقية عموما حيث يزيد الدافع الديني , وإنما حتى في المجتمعات الغربية , فما زال هناك عدد ليس قليل من المثليين تؤرقهم مثليتهم لتعارضها مع التعاليم الدينية في كل الأديان . 2 – الدافع الأخلاقي , حيث ينظر فريق من المثليين إلى هذا السلوك بنوع من الإشمئزاز والرفض , وهم على الرغم من ميولهم المثلية يكرهون وصفهم بأنهم مثليين , ويرفضون التواجد في مجتمعات المثليين , ولديهم رغبة في التخلص من الحياة المثلية التعسة , وأن يعيشوا حياة طبيعية مثل بقية الناس . 3 – بناء أسرة , حيث أن نسبة كبيرة من المثليين يتوقون إلى حياة أسرية مستقرة ودافئة , ويرغبون في أن يكون لهم أطفال , وقد ثبت أن 70% من المثليين ينجحون في حياتهم الزوجية على الرغم من مخاوفهم من الفشل خاصة في علاقتهم الجنسية مع الزوجة . مراحل العلاج : 1 – التوقف عن كل السلوكيات الجنسية المثلية (ممارسة الجنس المثلي سواء كانت ممارسة كاملة أم جزئية , الدخول على المواقع الجنسية المثلية , التخيلات المثلية) . وإذا حقق الشخص هذا الهدف وتوقف عند هذه المرحلة فهو يعيش حالة تسمى "اللاجنسية" , أي أنه توقف عن الجنسية المثلية ولم ينتقل بعد (أو لا يريد أن ينتقل) إلى الجنسية الغيرية . 2 – التحول إلى السلوك الجنسي الغيري , وهو يعني تحويل مسار الغريزة من اتجاهها الشاذ ( غير المثمر ) الى اتجاه طبيعى ( أو أقرب الى الطبيعى ) . ولايدعى أحد أن هذا التحويل أمر سهل يحدث فى وقت قصير ، وانما هو بالضرورة أمر يحتاج الى وقت وجهد ومجاهدة وصبر ومثابرة من المريض والمعالج ، ولابد أن يوقن الاثنان أنه لابديل عن هذا الطريق ( فليس من المقبول ولا من الممكن الاستسلام للشذوذ ) ، وان يعلما أنهما بناءا على هذا التصور الايمانى يؤجران على أى جهد يبذلانه ، ويتلقيان العون من الله فى هذا الطريق ، ويتذكران طول الوقت قول الله تعالى : " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " . هذا عن الجانب الايمانى فهل هناك جوانب أخرى مهنية تدعم السير فى هذا الاتجاه ؟ نعم .. ففى خلال الممارسة العملية حدث نجاح مع عدد غير قليل من حالات الشذوذ خاصة أولئك الذين واصلوا طريق العلاج وتحملوا مشقاته ، ليس هذا فقط بل ان الواقع الحياتى يؤكد توقف أعداد كبيرة من الشواذ عن هذا السلوك فى مراحل معينة من العمر حيث يحدث نضج فى الشخصية يسمح بالتحكم فى رغبات النفس وتوجيهها حتى بدون تدخل علاجى بالمعنى الطبى المعروف . 3 – نمو الشخصية على مستويات متعددة , وهذا النمو جزء لا يتجزأ من رحلة التعافي حيث يؤدي هذا النمو إلى تجاوز أزمة الجنسية المثلية والإرتقاء إلى مستويات أعلى من الحياة . أهداف العلاج : تختلف أهداف العلاج من شخص لآخر , فالبعض يدخل العملية العلاجية بهدف واحد وهو توقف النشاطات المثلية , والبعض الآخر يدخل بهدف تجاوز النشاطات المثلية إلى نشاطات غيرية ثم الإرتقاء في النمو النفسي والروحي . إذن نوجز الأهداف المتاحة فيما يلي : أهداف سلوكية : وهي التوقف عن الممارسة المثلية بكل درجاتها وأشكالها ثم التحول إلى الجنسية الغيرية . أهداف وجدانية : وهي تعني تناقص الإنجذاب الجنسي المثلي وفي ذات الوقت تقوية الإنجذاب الجنسي الغيري . أهداف ارتقائية : دعم الهوية الجنسية الذكرية (في الذكور) أو الأنثوية (في الإناث) على المستوى النفسي وفي الممارسة الحياتية , ثم تجاوز الحاجز النفسي مع الجنس الآخر , ذلك الحاجز المبني على خبرات سلبية أو توقعات خاطئة . التعافي من الإيذاء النفسي والجنسي إن كان قد حدث الإرتقاء على المستويات الروحية الأعلى في الوجود الوسائل والتقنيات العلاجية : أما عن الوسائل العلاجية المتاحة حاليا ( والتى تحتاج لتطوير وابتكار فى المستقبل ) فهى ترتكز على أساسيات العلاج المعرفى السلوكى من منظور دينى وروحي ، وهى كالتالى : 1 - الاطار المعرفى : ويتلخص فى تكوين منظومة معرفية يقينية بأن هذا السلوك شاذ ( أو هذه المشاعر والميول شاذة ) من الناحية الدينية والأخلاقية والاجتماعية ، وأنها ضد المسار الطبيعى للحياة النظيفة والسليمة ، وأن هذا السلوك يمكن تغييره ببذل الجهد على الطريق الصحيح . ومن المفضل أن يعرف المريض والمعالج النصوص الدينية المتصلة بهذا الموضوع حيث ستشكل هذه النصوص دفعة قوية لجهودهما معا فحين يعلم المريض والطبيب أن اتيان الفعل الشاذ يعتبر فى الحكم الدينى كبيرة من الكبائر ، وفى الأعراف الاجتماعية والأخلاقية عمل مشين فانهما يتحفزان لمقاومته بكل الوسائل المتاحة . ويحتاج الاثنان أن يتخلصا من الأفكار السلبية التى تقول بأن الشذوذ نشاط بيولوجى طبيعى لايدخل تحت الأحكام الأخلاقية وليس له علاج حيث أثبتت الأدلة العقلية والنقلية والتجارب الحياتية غير ذلك . وإذا كان المريض أو الطبيب لا ينطلقان من قاعدة دينية للتحول , فعلى الأقل يكون لديهما قناعة بأن السلوك المثلي يشكل اضطرابا يحتاج لبذل الجهد لعلاجه . ولا يتوقف الإطار المعرفي عند تصور السلوك المثلي بل يشمل تصحيح المعتقدات والتصورات عن الجنس الآخر وذلك تمهيدا لتحويل الميول نحو هذا الجنس بشكل طبيعي 2 - العلاج السلوكى : ويتمثل فى النقاط التالية : . العلاقة العلاجية : وهي المفتاح الأساسي في العلاج خاصة وأن كثير من حالات الجنسية المثلية يكون سببها افتقاد العلاقة السوية والقوية مع الأب , وهنا يقوم المعالج بلعب دور الأب بشكل صحي وعلاجي , وهذا يدعم التركيبة النفسية لصاحب السلوك المثلي خاصة في المراحل الأولى للعلاج . ·التعرف على عوامل الاثارة : حيث يتعاون المريض والمعالج على احصاء عوامل الاثارة الجنسية الشاذة لدى المريض حتى يمكن التعامل معها من خلال النقاط التالية . وعوامل الإثارة قد تكون التواجد منفردا مع شخص ما , أو المصافحة أو الملامسة أو العناق , أو الدخول على مواقع الإنترنت الجنسية , أو التخيلات المثلية . ·التفادى : بمعنى أن يحاول الشخص تفادى عوامل الاثارة الشاذة كلما أمكنه ذلك ·العلاج التنفيرى : لقد حدثت ارتباطات شرطية بين بعض المثيرات الشاذة وبين الشعور باللذة ، وهذه الارتباطات تعززت وتدعمت بالتكرار وهذا يفسر قوتها وثباتها مع الزمن . وفى رحلة العلاج نعكس هذه العملية بحيث نربط بين المثيرات الشاذة وبين أحاسيس منفرة مثل الاحساس بالألم أو الرغبة فى القئ أوغيرها ، وبتكرار هذه الارتباطات تفقد المثيرات الشاذة تاثيرها ، وهذا يتم من خلال بعض العقاقير أو التنبيه الكهربى بواسطة معالج متخصص . ولنضرب مثالا لها : نطلب من المريض أن يتذكر المشاعر الشاذة التى تمر بخاطره حين يرى أو يسمع أو يشم مثيرا معينا ، وحين يخبرنا بان المشاعر قد وصلت لذروتها بداخله نقوم بعمل تنبيه كهربى على أحد الأطراف أو اعطاء حقنة محدثة للشعور بالغثيان أو القئ ·تقليل الحساسية : بالنسبة للمثيرات التى لايمكن عمليا تفاديها نقوم بعملية تقليل الحساسية لها وذلك من خلال تعريض الشخص لها فى ظروف مختلفة مصحوبة بتمارين استرخاء بحيث لاتستدعى الاشباع الشاذ ، وكمثال على ذلك نطلب من المريض استحضار المشاعر الشاذة التى تنتابه وعندما تصل الى ذروتها نجرى له تمرين استرخاء ، وبتكرار ذلك تفقد هذه المشاعر ضغطها النفسى 3 - العلاج التطهيرى : وهو قريب من العلاج السلوكى ويتبع قوانينه ولكنه يزيد عليه فى ارتباطه بجانب معرفى روحى ، وهو قائم على قاعدة " ان الحسنات يذهبن السيئات " وعلى فكرة " دع حسناتك تسابق سيئاتك " ، وباختصار نطلب من المريض حين يتورط فى أى من الأفعال الشاذة أن يقوم بفعل خير مكافئ للفعل الشاذ كأن يصوم يوما أو عدة أيام ، أو يتصدق بمبلغ ، أو يؤدى بعض النوافل بشكل منتظم ......الخ ، وكلما عاود الفعل الشاذ زاد فى الأعمال التطهيرية ، ويستحب فى هذه الأفعال التطهيرية أن تتطلب جهدا ومشقة فى تنفيذها حتى تؤدى وظيفة العلاج التنفيرى وفى ذات الوقت يشعر الشخص بقيمتها وثوابها ولذتها بعد تأديتها والاحساس بالتطهر والنظافة وهذا يعطيها بعدا ايجابيا مدعما يتجاوز فكرة العلاج التنفيرى منفردا . وهذا النوع من العلاج قريب من نفوس الناس فى مجتمعاتنا ( سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين ) ففكرة التكفير عن الذنوب فكرة ايمانية وعلاجية فى نفس الوقت ، وكثير من الأعمال الخيرية فى الواقع تكون مدفوعة بمشاعر ذنب يتم التخفيف منها ايجابيا بهذه الوسيلة . 4 - تغيير المسار : وهذه الخطوة يجب أن يتفهمها المريض جيدا حيث يعلم بأن الغريزة الجنسية طاقة هامة فى حياته ولكن حدث أن هذه الطاقة فى ظروف تربوية معينة حفرت لها مسارا شاذا وتدفقت من خلاله ولهذا لايشعر الشخص بأى رغبة جنسية الا من خلال هذا المسار الذى اعتاده لسنوات طويلة وتدعم من خلال تكرار مشاعر اللذة مرتيطة بهذا المسار . ولكى يتعدل اتجاه الطاقة الجنسية فان ذلك يستلزم اغلاق هذا المسار الشاذ حتى لاتتسرب منه الطاقة الجنسية وبعد فترة من اغلاق هذا المسار تتجمع الطاقة الجنسية وتبحث لها عن منصرف ، وهنا يهيأ لها مسارا طبيعيا تخرج من خلاله ، وسوف تحدث صعوبات وتعثرات فى هذا الأمر ولكن الاصرار على اغلاق المسار الشاذ وفتح المسار الجديد سوف ينتهى بتحول هذا المسار خاصة اذا وجد تعزيزا مناسبا فى اتجاهه الجديد ( خطبة أو زواج ) . وربما لا يجد الشخص رغبة جنسية نحو الجنس الآخر فى المراحل المبكرة للعلاج لذلك يمكن أن يكتفى بالرغبة العاطفية ، وهذه الرغبة العاطفية كنا نجدها كثيرا عند المرضى بالشذوذ وربما قد جعلها الله حبل النجاة للمبتلين بهذا المرض يتعلقون به حين ينوون الخلاص ، وكثير منهم أيضا تكون لديه الرغبة فى العيش فى جو أسرى مع زوجة وأبناء على الرغم من افتقادهم للرغبة الجنسية نحو النساء . ومن متابعة مثل هذه الحالات وجد انهم حين تزوجوا كانوا ينجحون كأزواج رغم مخاوفهم الهائلة من الفشل حيث يحدث بعد الزواج اغلاق قهرى للمنافذ الشاذة للغريزة (بسبب الخوف من الفضيحة أو اهتزاز الصورة أمام الزوجة ) فى نفس الوقت الذى تتاح فيه فرص الاشباع الطبيعية . وفى بعض الأحوال يحدث مايسمى بالجنسية المزدوجة ( Bisexual ) حيث تكون لدى الشخص القدرة على الاشباع المثلى والغيرى للغريزة . 5 - المصاحبة : وبما أن مشوار التغيير يحتاج لوقت وجهد وصبر ، لذلك يجب أن يكون هناك معالج متفهم صبور يعرف طبيعة الاضطراب بواقعية ولديه قناعة لا تهتز بإمكانية التغيير ولديه خبرات سابقة بالتعامل مع الضعف البشرى ، ولديه معرفة كافية بقوانين النفس وقوانين الحياة وأحكام الشريعة وسنن الله فى الكون . هذا المعالج بهذه المواصفات يقوم بعملية مصاحبة للمريض ( المبتلى بالمشاعر أو الميول أو الممارسات الشاذة ) تتميز بالحب والتعاطف والصبر والأمل واحتساب الوقت والجهد عند الله . هذه المصاحبة تدعم مع الوقت ذات المريض ( فيما يسمى بالأنا المساعد أو تدعيم الأنا ) ، وتعطى نموذجا للمريض تتشكل حوله شخصيته الجديدة فى جو آمن . وبناءا على هذه المتطلبات يستحسن أن يكون المعالج من نفس جنس المريض وذلك يسمح بحل اشكاليات كثيرة فى العلاقة بنفس الجنس شريطة أن يكون المعالج متمرسا وقادرا على ضبط ايقاع العلاقة دون أن يتورط هو شخصيا فى تداعيات الطرح والطرح المضاد . والمعالج ( المصاحب ) ليس شرطا أن يكون طبيبا بل يمكن أن يكون أخصائيا نفسيا أو اجتماعيا أو عالم دين أو قريب أو صديق تتوافر فيه كل الشروط السابق ذكرها . 6 - السيطرة على السلوك : نحن جميعا فى حياتنا لدينا رغبات لا نستطيع إشباعها بسبب معتقداتنا أو ظروفنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها ولهذا نصبر عليها ونضبطها لحين تأتى الفرصة المناسبة لإشباعها ، وقد لا تأتى فنواصل الصبر عليها أو إيجاد إشباع بديل . والشخص ذو الميول الشاذة عليه أن يتعلم ذلك الدرس وأن يتدرب على ضبط مشاعره وميوله الشاذة وأن يبحث عن الإشباع البديل ( كباقي البشر ، فكلنا مبتلون بمشاعر وميول لا يمكن اشباعها ) وهذا من علامات نضج الشخصية . وفى المراحل المبكرة من العلاج ربما نحتاج الى السيطرة الخارجية ( بواسطة المعالج أو بالتعاون مع أحد أفراد الأسرة أو أحد الأصدقاء اذا كانوا يعلمون بالمشكلة ) وذلك حتى تتكون السيطرة الداخلية ، والهدف من ذلك هو منع الإشباع الشاذ حتى لا يحدث تدعيم لهذا المثار . وأثناء برنامج التدريب على السيطرة نطلب من المريض أن يكتب فى ورقة المواقف التى واجهته وكيف تصرف حيالها ويقوم بعد ذلك بمناقشة ذلك مع المعالج ، وهذا ينمى فى المريض ملكة مراقبة سلوكه ومحاولة التحكم فيه . وفى كل مرة ينجح فيها الشخص فى التحكم يكافئ نفسه أو يكافئه المعالج حتى يتعزز سلوك التحكم والسيطرة الداخلية . 7 - العلاج الدوائى : لايوجد علاج دوائى خاص بهذه الحالة بعينها ، ولكن استخدمت مانعات استرداد السيروتونين ( ماس ) فى بعض الحالات وأثبتت نجاحها ( وكان المبرر فى استخدامها نجاحها فى السيطرة على حالات إدمان الجنس حيث تقلل من الاندفاع الغريزى ) ، واستخدم معها أو بدونها عقار الكلوميبرامين ( الأنافرانيل ) على قاعدة أن السلوك الشاذ يأخذ شكل الفعل القهرى ولذلك تصلح معه الأدوية المستخدمة فى علاج الوسواس القهرى . 8 - الدعاء : فكلما أعيتنا الأمور وأحسسنا بالعجز لجأنا الى الله بالدعاء ، فهو قادر على كشف البلاء . والدعاء سلاح ايمانى وروحى حيث يستمد الانسان العون من الله الذى لايعجزه شئ فى الأرض ولا فى السماء ، وهو فى نفس الوقت سلاح نفسى حيث تجرى عملية برمجة للجهاز النفسى طبقا لمحتوى الدعاء فيتشكل برنامج نفسى جسدى فى اتجاه تحقيق محتوى الدعاء وذلك فيما يسمى بسيكولوجية ماتحت الوعى ( Subconscious Psychology ) ، اضافة الى مايعطيه الدعاء من أمل فى الخلاص ومايعطيه من ثواب للداعى سواء أجيب دعاءه فى الدنيا أم تأجل ( لحكمة يعلمها الله ) للآخره . 9 مجموعات المساندة : وهي تتلخص في وجود المريض ضمن مجموعات علاجية مخصصة لمثل هذه الحالات تحت إشراف معالج متمرس , ومن خلال المجموعة يتعلم المريض كيف يتحكم في ميوله , وكيف ينمي علاقاته وشخصيته بشكل جديد . 10 – الواجبات المنزلية :وهي واجبات مكتوبة يعهد بها المعالج للمريض لينفذها في حياته اليومية بين الجلسات العلاجية ويراجعها معه المعالج ليرى مدى نجاحه أو فشله في تطبيقها . وهدف هذه الواجبات هو نقل الخبرة العلاجية المكتسبة – سواءا في الجلسات الفردية أو الجماعية – إلى الحياة العامة . 11 - التعافي من الإيذاء النفسي والجنسي : وهذه الخطوة يحتاجها الذين تعرضوا لانتهاكات جنسية في المراحل المبكرة من حياتهم وكان لها دور في نشأة وتطور سلوكهم الجنسي المثلي . وهذا التعافي يحتاج إلى خطوات أربع (وصفتها "جوديث هيرمان" في كتابها عن التعافي من الإيذاء النفسي ) وهي : - الحصول على علاقات آمنة من خلال المعالج أو أعضاء المجموعة العلاجية أو غيرهم - تذكر الأحداث المؤلمة في جو من الدعم النفسي والإجتماعي - النوح , بمعنى إخراج المشاعر التي صاحبت الأحداث المؤلمة ولم تخرج بشكل مناسب قبل ذلك - إعادة الإتصال والتواصل بالطفل الداخلي وبالآخرين . 12- عبور الهوة نحو الجنس الآخر : وذلك من خلال تصحيح التصورات والتوقعات عن الجنس الآخر , وبداية التحرك تجاه هذا الجنس في الحياة اليومية بشكل مناسب .

إرسال تعليق

 
Top