المؤمن كالغيث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عودا حميدا بعد انقطاع بعيد ولكن مع قصة مؤثرة .... !!
مؤثرة جدا ..
هي أبشع مما تتخيل .. !!
وفصولها مؤلمة ..
وأعتذر لذوي القلوب الضعيفة ..
--------------------------------
اتصلت بوالدتي كعادتي في الاتصال عليها يوميا ... لبعدي عنها وذلك للسفر للدراسة
السلام عليكم أسعد الله مساك يا أمي ..
حياك الله يا ولدي كيف حالك بشرني عنك كيف دراستك ..؟
دار بيننا اتصال حاني وكعادتي سألت عن أخي الأكبر كيف أخباره وأهله وابنته الوحيدة ؟؟
سكتت أمي .. !!
عسى خير .. لا يكون أصابه شيء مع الطريق المميت الذي يسلكه يوميا للذهاب للمدرسة
التي هو معلم فيها .. ؟؟
قالت : هو بخير أبشرك لكن تعبان نفسيا جدا ومتأثر ؟؟
عسى خير لا يكون فقد صاحب له .. أو حبيب ؟؟ في هذا الطريق
أو حصل له ما يسوؤه ؟؟
قالت : لا ..
ولكن شاف ( رأى ) في طريقه حادث ... !!
الله المستعان .. وكيف فعل ؟؟
أخي حساس جدا رغم شجاعته العالية ليس كأخيه ( المؤمن كالغيث ) الذي تعود على هذه الكوارث ..
فليس من عادته مباشرة الحوادث ؟؟
قالت الأمر أعظم من ذلك ..
قلت : يكون خير ، سأتصل عليه يا أمي الآن وآخذ الخبر .. !! وأطمئن عليه ..
ودعتها .. وبحثت عن اسمه في الجوال ، ومباشرة أجريت اتصالا عليه ..
السلام عليكم كيف حالك ؟؟
سمعت خبرا مؤلما ؟؟ ما الذي حصل ؟؟
قال مباشرة : الله المستعان عمري ما رأيت حادث بهذه البشاعة ..
رديت عليه بدعابة : ما أظن ؟؟
المؤمن كالغيث تخصص حوادث مؤلمة ..
.. وترى العجب ..؟
فرد علي : الأمر أعظم مما تتصور ..
فخذ الخبر ؟؟!!
فسمعت منه ما لم أر مثله بعيني وما لم تسمع مثله أذني ..
سائر بسيارتي في الطريق المميت .. ولاحظ معي
ليلا – الطريق مظلم لا تكاد الأنوار تعطيك رؤية مناسبة لكثرة المنعطفات .. !!
الطريق مخيف في السلامة فما بالك .. ؟؟
باختصار :
ذهبت لأجد تجمع على قارعة الطريق ..
الإنارة معدمة ..
طبيعي أن يكون الوضع يوحي بحادث ..
ترجلت عن سيارتي ..
آه ... !!
سيارتين أحدهما ( جيب مقلوب )
والأخرى سيارة صغيرة ..
ولسوء حظي أن المصابين جميعهم موجودين في موقع الحدث ولم يأتي الإسعاف ..
بمعنى أن الحادث دمه حار .. !!
ابن صغير وجدته يشاهد الحدث مع الواقفين وهو مذهول !!
تأملته بجهد للظلام المطبق فوجدته من طلابي الذين يدرسون عندنا في المدرسة ...
سلمت عليه وسألته عن هؤلاء فرد علي السلام وهو مرتبك ..
وأخبر أخي – بكل ذهول –
أن هذه السيارة المقلوبة سيارتنا وفيها أبي وأمي فقفزت مباشرة لأجد
أن الأب – للأسف – قد فارق الحياة !!!
والأم قد تكسرت على حد تعبيره ..
والابن قد أصيب بالذهول ...
صغير ولا يدري ما يصنع ؟؟ ولم أفرق بينه وبين من شاهدوا .. !!
يا الله !! كم كان مؤلما تأثرت طالبي هذا واقف بيننا وكأنه من الناس الذين يشاهدون لم يصدق أن
سيرى والديه يصارعان الموت .. !!
ولا أخفيك ... أن هذا الموقف البشع هو مقدمات للحدث الذي بقي أمامي وأرعبني فأنا لم أقل شيء بعد .
معقولة ؟؟ !!
الله المستعان ..
ما الذي حصل ؟؟
قال : هذه سيارة واحدة .. ؟؟ ولم أنظر للسيارة الثانية ؟؟ التي هي الطرف الآخر في الحادث ..؟؟
التفت لها .. في موقف مرعب لا نكاد نرى وجوه بعضنا في هذه الظلمة في الطريق المميت بين القرى .. !!
أصبح المكان مرعبا أكثر مما تتخيل ..
تخيل .. !!
ذهبت للسيارة الثانية فلما فتحت الباب ... !!
فأصابتني قشعريرة الرعب .. !!
خرجت علي رائحة .. !!
والله ... و الله
والله شممت رائحة الموت .. !!
شممتها بأنفي والكلام ليس مجازا ..
مثل الرائحة التي تشم .. في مغاسل الموتى ..
شممتها بأنفي لا هي حنوط ولا هي عود ولا طيب .. شيء غريب مخيف ...
رائحة غريبة .. لكن تعرف يقينا أنها رائحة الموت .. !!
تخيل تدخل على أناس موجودين في السيارة .. ولا تسمع أي صوت ؟؟ صمت مطبق ..\؟؟
ملئت رعبا وأنا أنتظر للصورة المقبلة التي ستقع عيني عليها .. !!
لأفاجأ – وعذرا لأصحاب القلوب الضعيفة –
أب وزوجته وابنتين صغار ورضيع
وقد (ماتوا) جميعا ... قتلوا في هذه الحادثة ..
جميـــــــــــــعا ؟؟
جميعا .
لا أظنك ستتخيل أن ترى أجسادا مشوهه قد شخصت أبصارها وفتحت أفواههها
ملئت دما من الرأس وحتى خواتيم البدن ..مع رائحة الموت ..
ولا تنس أن الظلام .. هو لباسهم فقط فقد تكشفت المرأة ..
وأخذت ما يسترها .. وسترتها رحمها الله ..
وأخرجنا الزوج الميت !!
يا الله وكان المفزع ..
الطفلة ..
كما وصفها أخي ( كيس لحم )
والثانية :
شق بطنها ... وأكذب عليك إن قلت أني أستطيع حملها
فقد حملها غيري ... لأن منظرها كان مفزعا أكثر مما تخيلت ..
فما رأيت قبل هذه الطفلة من المناظر المفزعة ..
لم يجعلني قادرا على تحمل مفاجآت أخرى .. أكثر فزعا ورعبا ..
تخيل كل هذا في الظلام الدااااامس ..
وأنت تشم رائحة الموت وأجساد الموتى بين يديك ..
لو رأيتهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ..
رحمهم الله
وجاء الإسعاف بعد وقت طويل – كعادتهم –
وللأسف في خضم هذا الحادث ..
الكشاف الذي يريدون أن يضيئون به السيارة الهالكة في الحادث ليخرجون به ما تبقى من كومات لحم باقية ..
كان معطلا – غير صالح – !!
وبحثنا داخل سيارة الأسرة التي ماتت كلها (( بإضاءة الجوال )) !!!!
لنجد رضيعا قد فارق الحياة .. !!
هلكوا عن بكرة أبيهم ..
في هذا الحادث الأليم والمفزع .. والمرعب ..
تخيل ... !! كان شكل الأطفال ..
أوقفته لا تكمل ..
فو الله لا أظنني أبقى إن رأيت مثل هذا .. !!
لقد أثرت في نفسي جراحا لا تندمل .. رحمهم الله جميعا ..
عظم الله أجرك أخي في وفاة والد تلميذك ولا حرمك أجر مساعدتهم ..
وما أصابك من جراء رؤيتك لهذا الحادث هو نتاج بسيط .. ومتواضع ..
لهذه الحوادث ..
ولست بعيدا عن وفاة زميلك رحمه الله ..
الذي كان ضحية لهذا الطريق المميت ..
فاحتسب وتصبر وادع للمفقودين ..
---------------
صبرته .. وودعته ..
وكلي ألم ..
أسرة عاشت مبتسمة ضاحكة بين أطفال كلهم حنان وألفة وبراءة ..
فماتوا عن بكرة أبيهم ..
وخلا دارهم من صوتهم .. في لحظة واحدة ولم يبق في الدار أي همسة .. !!
أب – الضحية الأولى - صان أبناءه وكفاهم مؤونة الحياة ..
وقتله هذا الطريق ..
قضايا ..
لا ندري متى سنغلق صفحتها إلى الأبد ..
رحم الله الميت في هذا الحادث من ذكر وأنثى ..
والحمد لله على كل حال ..
والله يحفظكم ويرعاكم
محبكم في الله
المؤمن كالغيث
إرسال تعليق