عن
أنس - رضي الله عنه - قال: سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
((إن الله - عز وجل - قال: إذا ابتَليتُ عبدي بحبيبتَيه، فصبَر، عوَّضته
منهما الجنة))، "يريد: عينيه"؛ متفق عليه.
قوله: (إذا ابتَليت عبدي بحبيبتيه) بالتثنية، وقد فسَّرهما آخر الحديث بقوله:
"يريد عينيه"،
ولم يُصرح بالذي فسرهما، والمراد بالحبيبتين المحبوبتان؛ لأنهما أحبُّ
أعضاء الإنسان إليه؛ لِما يحصل له بفقْدهما من الأسف على فَوات رؤية ما
يريد رؤيته من خير، فيُسر به، أو شرٍّ فيَجتنبه.
قوله: (فصبر)، زاد الترمذي في روايته عن أنس: "واحتسَب"،
وكذا ابن حِبَّان والترمذي من حديث أبي هريرة، وابن حبان من حديث ابن
عباس أيضًا، والمراد أنه يَصبر مستحضرًا ما وعد الله به الصابر من الثواب،
لا أن يَصبر مجردًا عن ذلك؛ لأن الأعمال بالنيات، وابتلاء الله عبده في
الدنيا، ليس من سخطه عليه، بل إما لدفْع مكروه، أو لكفَّارة ذنوبٍ، أو
لرفع منزلةٍ، فإذا تلقَّى ذلك بالرضا، تَمَّ له المراد.
قوله: (عوَّضته منهما الجنة)،
وهذا أعظم العِوَض؛ لأن الالتذاذ بالبصر يَفنى بفناء الدنيا، والالتذاذ
بالجنة باقٍ ببقائها، وهو شامل لكل من وقَع له ذلك بشرط المذكور.
والصبر النافع هو ما يكون في أول وقوع البلاء، فيُفوِّض ويُسلم، وإلا فمتى تَضجَّر وتقلَّق في أول وَهلة، ثم يَئِس، فيَصبر، لا يكون حصل المقصود.
إرسال تعليق