0
إثبات صفة النزول لله تعالى
قرأت حديثاً فيه : "... يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟".
1) ما درجة صحة هذا الحديث ؟
2) ما معنى هذا الحديث ؟.







الحمد لله فسؤالك أيها الأخ الكريم يتضمن أمرين :
أولاً : درجة صحة الحديث :
هذا الحديث حديث صحيح ثابت في أصح كتابين بعد كتاب الله؛
فقد أخرجه البخاري في صحيحه (1145) ومسلم (1261) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ينزل رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"
وقد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوٌ من ثمانية وعشرين صحابياً ـ رضي الله عنهم ـ ، واتفق أهل السنة على تلقي ذلك بالقبول .





ثانياً : بيان معنى نزوله ـ جل وعلا ـ إلى السماء الدنيا :
اعلم أخي ـ وفقك الله ـ
أن نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا هو صفة من صفاته الفعلية، التي تتعلق بمشيئته وحكمته، وهو نزول حقيقي يليق بجلاله وعظمته. فهو سبحانه ينزل كيف شاء، متى شاء، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ولا يصح تحريف معنى الحديث بأن يفسر بأن المراد هو نزول أمره ، أو رحمته ، أو ملك من ملائكته ،
فإن هذا باطل لوجوه :





الأول :
أن هذا التأويل يخالف ظاهر الحديث ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أضاف النزول إلى الله، والأصل أن الشيء إنما يضاف إلى من وقع منه ، أو قام به فإذا صرف إلى غيره كان ذلك تحريفاً يخالف الأصل .
ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله ، وأنه صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق ، وأصدق الخلق فيما يخبر به ، فليس في كلامه شيء من الكذب ، ولا يمكن أن يتقول على الله تعالى شيئاً لا في أسمائه ، ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أحكامه قال الله تعالى : ( لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) الحاقة/44ـ46

ثم هو عليه الصلاة والسلام ، لا يريد إلا الهداية للخلق فإذا قال : " ينزل ربنا " فإن أي قائل يقول بخلاف ظاهر هذا اللفظ كأن يقول : المراد ينزل أمره . فنقول : أأنت أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " ينزل ربنا " وأنت تقول : ينزل أمره ، أم أنك أنصح للأمة منه حيث عمَّى عليهم فخاطبهم بما يريد خلافه ؟!، ولا شك أن الإنسان الذي يخاطب الناس بما يريد خلافه غير ناصح لهم ، أم تراك أفصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فلا شك أن مثل هذا التحريف لا يخلو من وصمة الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء من النقص الذي لا يرضى به مسلم أبدا ً في جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم .





الثاني :
أن نزول أمره أو رحمته لا يختص بهذا الجزء من الليل، بل أمره ورحمته ينزلان كل وقت .
فإن قيل :
المراد نزول أمر خاص ، ورحمة خاصة وهذا لا يلزم أن يكون كل وقت .

فالجواب :
أنه لو فرض صحة هذا التقدير والتأويل ، فإن الحديث يدل على أن منتهى نزول هذا الشيء هو السماء الدنيا وأي فائدة لنا في نزول رحمة إلى السماء الدنيا من غير أن تصل لنا ؟! حتى يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عنها ؟!





الثالث :
أن الحديث دل على أن الذي ينزل يقول :
" من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له".
ولا يمكن أن يقول ذلك أحد سوى الله تعالى .
انظر: ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين (1/ 203-215).

الإسلام سؤال وجواب




ذِكر بعض أحاديث الصفات: ومن السُّنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى سماء الدنيا .

الصفة العاشرة: النزول:
نزول الله إلى السماء الدنيا من صفاته الثابتة له بالسنة وإجماع السلف قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له الحديث متفق عليه
وأجمع السلف على ثبوت النزول لله

وهذه الأحاديث -أحاديث النزول- من الأحاديثٌ المتواترة، التي بلغت حد التواتر، رواها الشيخان البخاري ومسلم وأصحاب السُّنن وغيرهم، وفيه إثبات النزول لله -عز وجل- كما يليق بجلاله وعظمته، وهو من الصفات الفعلية أنه -تعالى-
ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول:
من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟

وهذا النزول يليق بجلال الله وعظمته، لا يشبه المخلوق في نزوله، وهو -سبحانه وتعالى- فوق العرش، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا بما يليق بجلال الله وعظمته؛ لأن نزوله لا يشبه نزول المخلوق فلا إشكال؛ لأنه فعل يفعله -سبحانه وتعالى- بمشيئته واختياره كما يشاء، وكما يليق بجلاله وعظمته، وهو فوق العرش، لأن أدلة الفوقية هو فوق خلقه، وفوق العرش، مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خَلْقه.
وهو ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا على ما يليق بجلال الله وعظمته.




هل يخلو منه العرش؟ اختلف العلماء هل يخلو منه العرش؟
قال قوم: يخلو منه العرش،
وقال آخرون: لا يخلو، وتوقف آخرون.



ثلاثة أقوال، والأرجح أنه
-سبحانه وتعالى- لا يخلو من العرش، فهو -سبحانه- فوق العرش ولا إشكال في هذا، فأنت في أي مكان من الأرض إذا جاء ثلث الليل الآخر فالله -تعالى- ينزل.



قد استشكل بعض الناس هذا وقالوا:
إن الليل يختلف في الكرة الأرضية، وأنه في جهة من الأرض يكون هنا ثلث الليل، وفي جهة أخرى يكون فيه النهار عندهم، فلا يزال الله ينزل في جميع أجزاء الليل، لأنه إذا انقضى ثلث الليل في هذه الجهة جاء ثلث الليل في الجهة الثانية، وإذا انقضى في الجهة الثانية جاء في الجهة الثالثة، فلا يزال الرب ينزل، هكذا استشكل بعض الناس.
وهذا ناشئ عن كونهم شبَّهوا الخالق بالمخلوق، ما فهموه من نزول الخالق إلا كما يفهمون من نزول المخلوق؛ فلهذا أشكل عليهم.
كتب أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
رسالة عظيمة في هذا سمّاها "شرح حديث النزول" ردّ على هؤلاء، على سائل سأل فكتب هذا الكتاب العظيم "شرح حديث النزول" مُجلّد،
وبيّن -رحمه الله- أن النزول صفة تليق بجلال الله وعظمته، وأن هذا الإشكال الذي قاله بعض الناس ناشئ عن كونهم شبّهوا نزول الخالق بنزول المخلوق، فلذا أشكل عليهم، لكن نقول أن الله ينزل كما يليق بجلاله وعظمته، لا نُكيِّف، لا ندري ما كيفية النزول.



وعلى هذا فالله ينزل كما يليق بجلاله وعظمته في أي مكان من الدنيا إذا جاء ثلث الليل الآخر، فهذا وقت التنزُّل الإلهي، نعم.
وأجمع السلف على ثبوت النزول لله،
فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.





قد أوّل بعض المعطِّلة قالوا:
ينزل أي: ينزل أمْرُه، وقال بعضهم: ينزل أي: ينزل مَلَك. هذا تأويل باطل،

الصواب: أن الربّ -تعالى- ينزل، هذا وصف لله ليس وصف للملَك، نزولُه هو -سبحانه- ليس نزول أمْرِه؛ أمر الله ينزل في كل وقت... في كل وقت أمر الله ينزل، ليس مخصص في ثلث الليل الآخر يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ في كل وقت.

وبعضهم يؤول يقول:
تنزل رحمتُه. هذا تأويل باطل؛ رحمة الله في كل وقت تنزل. كل هذا من التأويل الباطل، كون "نزوله": ينزل أمْره، أو تنزل رحمته، أو ينزل ملَك، كل هذا من أبطل الباطل، كل هذا باطل من تأويلات المعطلين
الصواب:
أن الله -تعالى- هو الذي ينزل -هذا وصف لله- نزولًا يليق بجلاله وعظمته، لا يشبه المخلوقين في نزوله، نعم.




وهو نزول حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بنزول أمْرِه، أو رحمته، أو ملَك من ملائكته.
ونردّ عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة وبوجه رابع أنّ
"الأمر" ونحوه لا يمكن أن يقول: مَن يدعوني فأستجيب له... إلى آخره.

نعم، لو كان المَلَك -كما يقولون: الذي نزل ملك- هل الملك يستطيع أن يقول: مَن يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له، هل يمكن أن يكون ملك ! هل يجرؤ مخلوق أن يقول هذا الكلام؟
لا يمكن هذا كلام الله، يقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، هذا كلام الله، فلا يمكن أن يقول ملك من الملائكة من يدعوني فأستجيب له، ما يقدر أن يقول هذا مخلوق! نعم.




موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحى
تساؤلات عن صفة النزول لله تعالى

"... يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ
اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟".

1) هل ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا أو إلى الأرض؟

2) كما يوجد حديث آخر جاء فيه أن الله تعالى يأتي في ظلل من السحاب وبعض الحيوانات تعرف ذلك باستثناء الجن والإنس .




الحمد لله
أولاً :

هذه الأمور التي سألت عنها هي من الأمور الغيبية التي لا يمكن أن يعلمها الإنسان إلا من طريق الوحي ـ الكتاب والسنة ـ ولا شك أن منتهى النزول هو السماء الدنيا ، وليس إلى الأرض ،
كما هو نص كلام الرسول صلى الله عليه وسلم :
( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) ، ولم يقل : إلى الأرض .


ثانياً :

وأما ما ذكرته من أن الله تعالى يأتي في ظلل السحاب ، وأن بعض الحيوانات يعرف ذلك ،
فبعد البحث في أمهات الكتب الحديثية المتاحة ،
والرجوع إلى أقوال أهل العلم الراسخين الذين تكلموا عن مسألة نزول الرب جل جلاله إلى السماء الدنيا لم نجد ما يدل على ثبوت شيء من ذلك .
والواجب علينا إثبات ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا ،

وأن نزوله يليق بجلاله وعظمته،
ونفوض علم ما سوى ذلك إلى عالمه جل جلاله وتقدست أسماؤه ،
وهو العليم الحكيم .

لكن قد جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى يوم القيامة حين
يأتي لفصل القضاء؛ يأتي في ظلل من الغمام كما قال تعالى :

( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ) البقرة/210 ، وهذا إنما هو يوم القيامة .

ثم اعلم ـ وفقك الله ـ

أنه لا منافاة أبداً بين إيماننا بعلو الله تعالى بذاته،

وأنه هو العلي العظيم وبين نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا ؛
فإن علو الله تعالى من صفاته الذاتية التي لا يمكن أن ينفك عنها ، ـ

أي : أنه لا يمكن أن يكون غير متصف بها في وقت ما ـ فلا منافاة بينهما

أولاً :

لأن النصوص جمعت بينهما ، والنصوص لا تأتي بالمحال كما هو معلوم .

ثانياً :
لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ، فليس نزوله كنزول المخلوقين حتى يقال :
إنه ينافي علوه ويناقضه .
والله تعالى أعلى وأعلم .

انظر: (كتاب السنة لابن أبي عاصم ( 215 ) ،

ومجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين.



الإسلام سؤال وجواب




إرسال تعليق

 
Top