س: ما المراد بذكر الله الذي تطمئن به القلوب؟
ج: لأهل العلم جملة أقوال في تأويل (الذكر) ها هنا، وكل هذه الأقوال حق، وكلها صدق، فالذكر ينطبق عليها جميعاً وجميعها تنطبق عليه.
فمن أهل العلم من قال: إن المراد بالذكر هنا القرآن، ولهذا القول أدلته وشواهده، فمن أدلته وشواهده:
• قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، فالذكر هنا القرآن.
• وكذا قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾ [فصلت: 41]، فالذكر هاهنا القرآن كذلك.
• وكذا قوله تعالى: ﴿ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ﴾ [الأنبياء: 50]، فالذكر أيضاً هاهنا القرآن.
• ومن
أهل العلم من قال: إن المراد بالذكر هنا، ذكر الله التمثيل في تسبيحه،
وتحميده، وتكبيره، وتهليله، وتمجيده، وذلك كقول: سبحان الله، والحمد لله،
ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكذا نحو قوله: ما شاء الله، وتبارك الله.
•
ومنهم من قال: إن المراد بالذكر هاهنا الأذكار الموظفة: المختصة بالأزمنة
والأمكنة والأحوال التي علمنا إياها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
•
كالذكر عند الغضب، وعند القلق، وعند الوضوء، وعند الجماع، وعند نزول
المنازل، وسفر المسافر، ودخول الداخل، وخروج الخارج، ونحو ذلك، وهذا هو
القول الثالث.
أما القول الرابع:
فحاصله أن المراد بذكر الله، ذكر قدر الله عز وجل، أي: تذكر أن الأمور
مقدرة، قدرها الله عز وجل، ومناسبة هذا القول ووجهه أن الله قال: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن: 11]، قالوا: أي ومن يؤمن بقدر الله، ويوقن أن المصائب قدرها الله يهد قلبه.
وأما القول الخامس: فالمراد بالذكر هو اليمين بالله ، أي الحلف بالله عز وجل.
أما القول السادس: فالمراد بالذكر، ذكر الله داخل الصلاة، إذ الصلاة محل لذكر الله، قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي
﴾ [طه: 14]، أي: لتذكرني فيها، وذلك على أحد التفسيرات، وتفسير آخر، وأقم
الصلاة كي تحظى بذكري لك، فإنك إذا ذكرت الله في الصلاة ذكرك الله عز وجل،
وكذا إذا ذكرته في خارج الصلاة.
• وقد قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [المنافقون: 9]، قال بعض العلماء: أي عن الصلاة.
أما القول السابع: فالمراد بالذكر ها هنا، هو ذكر الله عز وجل باستغفاره ، والتوبة والإنابة والرجوع إليه.
فهذا مجمل الأقوال التي وردت في المراد بالذكر في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
إرسال تعليق