هل تتذكرون قصة أصحاب السبت، حسنٌ.. هل تتذكرون كيف قسم
القرآن الكريم الجماعات التي استقبلت ما فعله أصحاب السبت، لا، نعم..
صراحةً أتذكرهم ولكن أريد أن أتحدث عن الجماعة الإيجابية التي أصرت على
إنكار هذا الفعل, فالتحدث عن الجماعة التي استخدمت “السكوت” شعار للموقف لم
يهمها أن ينجوا أصحاب السبت أو يعذبهم الله، سكتوا وسكت القرآن عن ذكرهم
لا يهمني.. بيد أنه ذكر الجماعة التي نصحت أصحاب السبت، لماذا؟ ليبعث رسالة
للأمة جميعًا أن توقع هلاك القوم لا ينبغي معه عدم نصحهم، بل النصح
والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا ديننا حقاً.. وجاءت الآية
بليغة في وصفها كسائر آيات القرآن عندما قال الله عزوجل “وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرة إلي ربكم ولعلهم يتقون“..
إن الجماعة “السلبية” لم تكتفي بالصمت والترك بل قالت
للجماعة الإيجابية لماذا تعظونهم والله مهلكهم؟! فجاء ردهم ليضع لنا قاعدة
ثابتة وهي (معذرة لربنا أي فيما أخذ علينا من أمر بمعروف ونهي عن منكر
لعلهم يعودون ويرجعون لربهم)، وسبحان الله رغم عدم رجوع أصحاب السبت
واستمرارهم في إثمهم ومعصيتهم إلا أن هذا الموقف ذكره الله لنا وسيبقي معنا
إلي يوم القيامة. لذا كن إيجابيًا ولا تبالِ بالنتائج..
ألم يأتكم نبأ “النملة الإيجابية” نعم مخلوق من مخلوقات الله تعبده مثلنا كما قال الله عزوجل “ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ”..
تلك النملة بصنيعها الإيجابي حينما قالت لإخوانها من “النمل”: (ادخلوا مساكنكم)!
ألم يكن بمقدورها حينما مر سليمان عليه السلام وجنده أن تختبأ وحدها دون سائر النمل؟!!
إلا أن حبها لإخوانها وتلك الإيجابية التي بداخلها دفعتها هاتفة محذرة إخوانها: “ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده”!!
ألم يكن بمقدورها حينما مر سليمان عليه السلام وجنده أن تختبأ وحدها دون سائر النمل؟!!
إلا أن حبها لإخوانها وتلك الإيجابية التي بداخلها دفعتها هاتفة محذرة إخوانها: “ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده”!!
بين الفينة والأخرى يجول بمخيلتي مواقف كثيرة في حياتنا كيف
لو تعاملنا معها بإيجابية!! لأصبح الأمر مختلما أيما اختلاف، ألم يمر بك
موقف سيء إلا أنه “بإيجابية” حولته للأحسن وليس الأسوء. فكيف بسائر حياتنا
وتعاملانا؟!!
الهدهد.. ألم يأتكم أيضا ذلك الطائر مع سيدنا سليمان لما رأي
قومًا يسجدون للشمس من دون الله، ماذا فعل؟ ما كان منه إلا أن غار علي دينه
فطفق إلي سيدنا سليمان ينبئه خبر تلك الكارثة التي شاهدها!! و .. وكان
سببا في إسلام بلقيس وقومها بعد الله سبحانه وتعالى!!
والسؤال لنا .. كم مرة رأينا موقفًا لا يرضي الله ولم نقدم النصح بله المحاولة،
ألم نسمع قول حبيبنا صلي الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه”.
يحضرني قصة: “يروى أن أعمش وأعرج وكلاهما من علماء السلف الصالح مشيا مرة فقال الأعمش: يا أخي امشِ وحدك وأنا وحدي لأن الناس إذا رأونا سيقولون أعمش وأعرج. أي لا يمكن أن نخلو من التعليق، فقال له الأعرج: يا أخي ما عليك؟ دعهم يقولون ويسخرون فنؤجر. فقال له الأعمش: ويحك لماذا لا يسلمون ونسلم؟”
سبحان الله إيجابية الأعمش دفعته للتفكير في غيره! ألم يكن بإمكانه موافقة الأعرج على قوله بيد أنه حبذ أخذ أجر دون إثم غيره.
إن الفرق بين الإيجابي والسلبي كالفرق بين الليل والنهار.. الجماد والكائن الحي.. الفرق بين الوجود والعدم. والدليل على هذا قوله تعالي “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”
لقد سمى الله السلبي في هذه الآية ” كّلاً” والإيجابي بـ ” يأمر بالعدل” “كلّ” أصعب من سلبي.. لأن سلبي معناها غير فعال أما كلّ فمعناها الثقيل الكسول فهو “أبكم” لا يتكلم ولا يرتفع له صوت.
ولأننا مسلمون فعلينا أن نكون حاملي رسالة، منذ المولد وحتي الممات. ألا وهي التأثير في كل من حولنا لذا لا يمكن أن يكون هذا التأثير سلبي؛ لأن السلبية لا تمت للإسلام بصلة، بل قال صلى الله عليه وسلم “إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها” [ صحيح، أحمد، عن أنس ].. فبين أن يكون المسلم إيجابيًا حتى قيام الساعة.. وحتى آخر رمق في حياته. بل ألم نسمع: المؤمن كالغيث أينما حل نفع؟!!
إن الإيجابية لن تأتي بين ليلة وضحاها .. بل تأتي على مر العمر والحياة، لذا علينا ألا نستكين أو نمل أو نكل أو نضعف .. فهذا ليس شيمة المسلمين.
مسك الختام قول المصطفى الذي يثلج الصدور ويبعث الهمم في نفوس المسلمين قوله: المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان.
فيا مسلمي الأرض هاكم نبيكم يحضنا على فعل الخير فلم نخذل نبينا وحبيبنا ..
لا خير فينا ولا بركة إكنا كذلك ومسأل الله ألا نكون كذلك ..
والله من وراء القصد ..ألم نسمع قول حبيبنا صلي الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه”.
إرسال تعليق