سؤال رقم 34759- ما هي الطريقة الظاهرية
نسمع بالطريقة الظاهرية ، لم تدعو ؟ وهل هي موافقة للسنة ؟.
الحمد لله
الطريقة الظاهرية معروفة ، وهي التي يسير عليها داود بن علي الظاهري ، وأبو محمد ابن حزم ، ومن يقول بقولهما .
ومعناها : الأخذ بظاهر النصوص وعدم النظر في التعليل والقياس ، فلا قياس عندهم ولا تعليل ، بل يقولون بظاهر الأوامر والنواهي ، ولا
ينظرون إلى العلل والمعاني ، فسموا ظاهرية لهذا المعنى ؛ لأنهم أخذوا بالظاهر ولم ينظروا في العلل والحكم والأقيسة الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة ،
ولكن قولهم في الجملة أحسن من قول أهل الرأي المجرد الذين يحكمون الآراء والأقيسة ، ويعرضون عن العناية بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، لكن عليهم نقص
ومؤاخذات في جمودهم على الظاهر ، وعدم رعايتهم للعلل والحكم والأسرار التي نبه عليها الشارع وقصدها ، ولهذا غلطوا في مسائل كثيرة دل عليها الكتاب والسنة .
والله ولي التوفيق .
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 218
*****
3476
فضل الرقية وأدعيتها
الفقه > عادات > الطب والتداوي > الرقية >
(1/3481)
سؤال رقم 3476- فضل الرقية وأدعيتها
ما هو فضل أن يرقي الإنسان نفسه ؟ وما هي الأدلة على ذلك ؟ وماذا يقول في رقياه لنفسه ؟
الحمد لله
1- لا بأس أن يرقي المسلم نفسه فذلك مباح له بل هو سنة حسنة فقد رقى الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ، ورقى بعض أصحابه أنفسهم
.
عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت
أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها ". رواه البخاري ( 4728 ) ومسلم ( 2192 ) .
وأما الحديث الذى رواه مسلم ( 220 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة السبعين ألفاً الذين سيدخلون الجنة من هذه الأمة بغير
حساب ولا عذاب قال : ( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون )
فقوله ( لا يرقون ) وهم من الراوي لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك روى البخاري هذا الحديث برقم ( 5420 ) ولم يذكر
فيه هذا اللفظ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :
فمدح هؤلاء بأنهم لا يسترقون أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم والرقية من جنس الدعاء فلا يطلبون من أحد ذلك وقد روي فيه "ولا
يرقون" وهو غلط ؛ فإن رقياهم لغيرهم ولأنفسهم حسنة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه وغيره لم يكن يسترقي ؛ فإن رقية نفسه وغيره من جنس الدعاء لنفسه
وغيره وهذا مأمور به ؛ فإن الأنبياء كلهم سألوا الله ودعوه كما ذكر الله ذلك في قصة آدم وإبراهيم و موسى و غيرهم اهـ . مجموع الفتاوى (1 / 182).
قال ابن القيم رحمه الله :
وهذه اللفظة وقعت مقحمة في الحديث وهي غلط من بعض الرواة اهـ . حادي الأرواح ( 1 / 89 )
والرقية من أعظم الأدوية التي ينبغي للمؤمن المحافظ عليها .
2- وأما الأدعية المشروعة التي يقولها المسلم إذا أراد أن يرقي نفسه أو غيره فهي كثيرة ، وأعظم ذلك الفاتحة والمعوذات :
ـ عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : " انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء
العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم
شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء فقال بعضهم نعم والله إني لأرقي ولكن والله لقد
استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال
فانطلق يمشي وما به قَلَبَة (أي : مرض) قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم
فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له فقال وما يدريك أنها رقية ثم قال قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم
سهما فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم " . رواه البخاري (2156) ومسلم ( 2201 ) .
ـ عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه
كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها ". رواه البخاري ( 4175 ) ومسلم ( 2192 ) .
والنفث نفخ لطيف بلا ريق ، وقيل : معه ريق خفيف . قاله النووي في شرح صحيح مسلم حديث رقم (2192) .
ومن الأدعية الوادرة في السنة :
روى مسلم ( 2202 ) عن عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم ، فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على المكان الذي تَأَلَّم من جسدك وقل : ( بسم الله ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد
وأحاذر) زاد الترمذي ( 2080 ) ( قال : ففعلت ، فأذهب الله ما كان بي ، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم ) صححه الألباني في صحيح الترمذي ( 1696 ) .
ـ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين ويقول : إن أباكما [يعني إبراهيم عليه
السلام] كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق : أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة . رواه البخاري ( 3191 ).
(الهامة) : بتشديد الميم هي كل ما له سم يقتل .
( من كل عين لامة ) أي من كل عين تصيب بسوء . ( تحفة الأحوذي )
والله أعلم .
*****
34761
أخطأ وتعجل في اليوم الحادي عشر
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >
(1/3482)
سؤال رقم 34761- أخطأ وتعجل في اليوم الحادي عشر
من ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظناً منه أن هذا هو التعجّل وغادر ولم يطف للوداع فما حكم حجه ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" حجّه صحيح ، لأنه لم يترك فيه ركناً من أركان الحجّ ، ولكنه ترك فيه ثلاث واجبات إن كان لم يبت ليلة الثاني عشر بمنى .
الواجب الأول : المبيت بمنى ليلة الثاني عشر .
والواجب الثاني : رمي الجمار في اليوم الثاني عشر .
والواجب الثالث : طواف الوداع .
ويجب عليه لكل واحد منها دمّ يذبحه في مكّة ويوزعه على الفقراء " . "فتاوى أركان الإسلام" ( ص 566) .
لأن من ترك واجباً من واجبات الحج لزمه دم ويذبحه في مكة ويفرقه على الفقراء .
*****
34762
حديث " من اعتكف يوما... " ومتى يبدأ اعتكاف يوم .
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >
(1/3483)
سؤال رقم 34762- حديث " من اعتكف يوما... " ومتى يبدأ اعتكاف يوم .
من روى حديث : « من اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله باعد الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق كل خندق كما بين الخافقين » ، وما درجة هذا الحديث ، وإذا أراد شخص أن يعتكف يوماً واحداً متى يكون بدء اعتكافه، ومتى يكون انتهاؤه، وكذلك إذا أراد أن يعتكف يومين فمتى يكون ابتداؤهما، ومتى يكون انتهاؤهما ؟.
الحمد لله
الحديث ضعيف ، وبدء اعتكاف يوم يكون بعد صلاة الفجر ونهايته غروب الشمس، وهكذا اليومان.
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/412)
*****
34766
أخرج زكاة الفطر عن الجنين فتبين أنه توأم
الفقه > عبادات > زكاة الفطر >
سؤال رقم 34766: أخرج زكاة الفطر عن الجنين فتبين أنه توأم
كانت زوجتي حاملاً في شهر رمضان المبارك وزكيت عن الجنين الذي في بطن أمه، وعندما وضعت الأم بعد عيد الفطر المبارك بأيام قليلة وضعت اثنين توائم بقدر الله سبحانه وتعالى .
والآن هل علي شيء ، علماً بأني زكيت عن جنين واحد ولم أزك عن الجنين الثاني ؟.
الحمد لله
لا يجب عليك شيء لتركك زكاة الفطر عن الجنين الثاني .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/366)
*****
3477
خيرها زوجها بين السفر معه إلى بلد كفر أو البقاء
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
(1/3484)
سؤال رقم 3477- خيرها زوجها بين السفر معه إلى بلد كفر أو البقاء
السؤال : خيرها زوجها للذهاب معه للدراسة في بلاد الكفار وأخذ دورة أو الجلوس في البلد المسلم وذهابه لتحصيل منفعة دنيوية كزيادة مرتبه ، فهل تسافر معه أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب بما يلي :
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : أرى أن تذهب معه لأن ذلك أقرب لسلامته من الفتن وهي لا ضرر عليها ما دامت تقوم بالواجب من التستر والحشمة ، وأما ذهابه وحده فيخشى عليه ، وهي أيضا إذا بقيت ليس عندها زوج ستكون في تعاسة .. والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
34770
لا إكراه في قبول الإسلام
العقيدة > التوحيد >
(1/3485)
سؤال رقم 34770- لا إكراه في قبول الإسلام
يقول بعض الزملاء : من لم يدخل الإسلام يعتبر حرا لا يكره على الإسلام ويستدل بقوله تعالى : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) يونس / 99 ، وقوله تعالى : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) البقرة / 256 ، فما رأي سماحتكم في هذا ؟.
الحمد لله
هاتان الآيتان الكريمتان والآيات الأخرى التي في معناهما بين العلماء أنها في حق من تؤخذ منهم الجزية كاليهود والنصارى والمجوس ، لا
يكرهون ، بل يخيرون بين الإسلام وبين بذل الجزية .
وقال آخرون من أهل العلم : إنها كانت في أول الأمر ثم نسخت بأمر الله سبحانه بالقتال والجهاد ، فمن أبى الدخول في الإسلام وجب جهاده مع
القدرة حتى يدخل في الإسلام أو يؤدي الجزية إن كان من أهلها ، فالواجب إلزام الكفار بالإسلام إذا كانوا لا تؤخذ منهم الجزية ؛ لأن إسلامهم فيه سعادتهم
ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، فإلزام الإنسان بالحق الذي فيه الهدى والسعادة خير له من الباطل ، كما يلزم الإنسان بالحق الذي عليه لبني آدم ولو بالسجن أو
بالضرب ، فإلزام الكفار بتوحيد الله والدخول في دين الإسلام أولى وأوجب ؛ لأن فيه سعادتهم في العاجل والآجل إلا إذا كانوا من أهل الكتاب كاليهود والنصارى
أو المجوس ، فهذه الطوائف الثلاث جاء الشرع بأنهم يخيرون . فإما أن يدخلوا في الإسلام وإما أن يبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
وذهب بعض أهل العلم إلى إلحاق غيرهم بهم في التخيير بين الإسلام والجزية ، والأرجح أنه لا يلحق بهم غيرهم ، بل هؤلاء الطوائف الثلاث هم
الذين يخيرون ؛ لأن الرسول قاتل الكفار في الجزيرة ولم يقبل منهم إلا الإسلام ، قال تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) – التوبة / 5 - ، ولم يقل : أو أدوا الجزية ، فاليهود والنصارى والمجوس
يُطالبون بالإسلام ، فإن أبوا فالجزية ، فإن أبوا وجب على أهل الإسلام قتالهم ، إن استطاعوا ذلك ، يقول عز وجل : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) - التوبة / 29 - .
ولم يثبت عن النبي أنه أخذ الجزية من المجوس ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم أخذوا الجزية من
غير الطوائف الثلاث المذكورة ، والأصل في هذا قوله تعالى : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) -
الأنفال / 39 - ، وقوله سبحانه : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ
وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ ) - التوبة / 5 - وهذه الآية تسمى آية السيف .
وهي وأمثالها هي الناسخة للآيات التي فيها عدم الإكراه على الإسلام .
والله الموفق .
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 219
*****
34776
كيف تغسل المرأة شعرها عن الغسل من الجنابة
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >
(1/3486)
سؤال رقم 34776- كيف تغسل المرأة شعرها عن الغسل من الجنابة
ما حكم مسح المرأة على الخمار عند غسلها من الجنابة ، والمرأة في الدول الأجنبية قد تجد صعوبة بغسل الرأس بعد الجنابة كل مرة مما قد يقف حجر عثرة في طريق إسلامها لكونها تتخذ شكلا لرأسها يغيره الماء ؟.
الحمد لله
أن المعلوم من الشرع المطهر ومن كلام أهل العلم أن المسح على الحوائل من خف وعمامة وخمار لا يجوز في الجنابة بالإجماع ، وإنما يجوز في
الوضوء خاصة لحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله إذا كنا مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط
وبول ونوم ، ولا ريب أن الشريعة الإسلامية هي شريعة السماحة والتيسير ، ولكن ليس في غسل الرأس من الجنابة حرج شديد ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما
سألته أم سلمة عن الغسل من الجنابة والحيض قائلة : يا رسول الله إني أشد شعر رأسي ، أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة قال لها عليه الصلاة والسلام : ( إنما
يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ) أخرجه مسلم في صحيحه .
فعليه يرشد النساء اللاتي يتحرجن من غسل رءوسهن في الجنابة بأنه يكفيهن أن يحثين على رءوسهن ثلاث حثيات من الماء حتى يعمه الماء من غير
حاجة إلى نقض ولا تغيير شيء من الزي الذي يشق عليهن تغييره ، مع بيان ما لهن عند الله من الأجر العظيم والعاقبة الحميدة والحياة الطيبة الكريمة الدائمة في
دار الكرامة إذا صبرن على أحكام الشريعة وتمسكن بها ، لكن الحوائل الضرورية التي يحتاجها الإنسان لعروض كسر أو جرح لا بأس بالمسح عليها في الطهارة الكبرى
والصغرى ، من أجل الضرورة من غير توقيت ، ما دامت الحاجة ماسة إلى ذلك ، لحديث جابر في الرجل الذي شج في رأسه فأمر النبي صلى الله عيه وسلم أن يعصب على
جرحه خرقة ويمسح عليها ثم يغسل سائر جسده ، أخرجه أبو داود في سننه .
ومما يحسن التنبيه عليه للراغبين والراغبات في الإسلام عند التوقف في بعض المسائل أو التحرج في بعض الأحكام أن يقال لهم إن الجنة حفت
بالمكاره والنار حفت بالشهوات ، وأن الله سبحانه أمر عباده بما أمرهم به ليبلوهم أيهم أحسن عملا ، فليس الحصول على رضي الرب ودخول جنته والفوز بكرامته
بالأمر السهل من كل الوجوه الذي يناله الإنسان بدون أي مشقة ، ليس الأمر هكذا ، بل لا بد من صبر وجهاد للنفس ، وتحمل للكثير من المشاق في سبيل مرضاة الرب
جل وعلا ، ونيل كرامته والسلامة من غضبه وعقابه ، كما قال الله عز وجل : ( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ
أَحْسَنُ عَمَلا ) الكهف / 7 وقال تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) الملك / 2 وقال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد / 31 ، والآيات كثيرة في هذا المعنى .
والله المسئول أن يجعلنا وإياكم من دعاة الهدى ، وأن يصلح أحوال المسلمين وأن يمن على الجميع بالبصيرة فيما خلقوا له ، وأن يكثر بينهم
دعاة الحق إنه على كل شيء قدير .
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 237
*****
34776
كيف تغسل المرأة شعرها عن الغسل من الجنابة
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >
(1/3487)
سؤال رقم 34776- كيف تغسل المرأة شعرها عن الغسل من الجنابة
ما حكم مسح المرأة على الخمار عند غسلها من الجنابة ، والمرأة في الدول الأجنبية قد تجد صعوبة بغسل الرأس بعد الجنابة كل مرة مما قد يقف حجر عثرة في طريق إسلامها لكونها تتخذ شكلا لرأسها يغيره الماء ؟.
الحمد لله
أن المعلوم من الشرع المطهر ومن كلام أهل العلم أن المسح على الحوائل من خف وعمامة وخمار لا يجوز في الجنابة بالإجماع ، وإنما يجوز في
الوضوء خاصة لحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله إذا كنا مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط
وبول ونوم ، ولا ريب أن الشريعة الإسلامية هي شريعة السماحة والتيسير ، ولكن ليس في غسل الرأس من الجنابة حرج شديد ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما
سألته أم سلمة عن الغسل من الجنابة والحيض قائلة : يا رسول الله إني أشد شعر رأسي ، أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة قال لها عليه الصلاة والسلام : ( إنما
يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ) أخرجه مسلم في صحيحه .
فعليه يرشد النساء اللاتي يتحرجن من غسل رءوسهن في الجنابة بأنه يكفيهن أن يحثين على رءوسهن ثلاث حثيات من الماء حتى يعمه الماء من غير
حاجة إلى نقض ولا تغيير شيء من الزي الذي يشق عليهن تغييره ، مع بيان ما لهن عند الله من الأجر العظيم والعاقبة الحميدة والحياة الطيبة الكريمة الدائمة في
دار الكرامة إذا صبرن على أحكام الشريعة وتمسكن بها ، لكن الحوائل الضرورية التي يحتاجها الإنسان لعروض كسر أو جرح لا بأس بالمسح عليها في الطهارة الكبرى
والصغرى ، من أجل الضرورة من غير توقيت ، ما دامت الحاجة ماسة إلى ذلك ، لحديث جابر في الرجل الذي شج في رأسه فأمر النبي صلى الله عيه وسلم أن يعصب على
جرحه خرقة ويمسح عليها ثم يغسل سائر جسده ، أخرجه أبو داود في سننه .
ومما يحسن التنبيه عليه للراغبين والراغبات في الإسلام عند التوقف في بعض المسائل أو التحرج في بعض الأحكام أن يقال لهم إن الجنة حفت
بالمكاره والنار حفت بالشهوات ، وأن الله سبحانه أمر عباده بما أمرهم به ليبلوهم أيهم أحسن عملا ، فليس الحصول على رضي الرب ودخول جنته والفوز بكرامته
بالأمر السهل من كل الوجوه الذي يناله الإنسان بدون أي مشقة ، ليس الأمر هكذا ، بل لا بد من صبر وجهاد للنفس ، وتحمل للكثير من المشاق في سبيل مرضاة الرب
جل وعلا ، ونيل كرامته والسلامة من غضبه وعقابه ، كما قال الله عز وجل : ( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ
أَحْسَنُ عَمَلا ) الكهف / 7 وقال تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) الملك / 2 وقال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد / 31 ، والآيات كثيرة في هذا المعنى .
والله المسئول أن يجعلنا وإياكم من دعاة الهدى ، وأن يصلح أحوال المسلمين وأن يمن على الجميع بالبصيرة فيما خلقوا له ، وأن يكثر بينهم
دعاة الحق إنه على كل شيء قدير .
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 237
*****
34778
آثار الحج ومقاصده بين الواقع والمطلوب
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >
(1/3488)
سؤال رقم 34778- آثار الحج ومقاصده بين الواقع والمطلوب
رأيت في التلفاز مشاهد الحجاج وهي تتوافد على بيت الله الحرام ، فتحركت الأشجان ، ودمعت العينان على هذا المشهد العظيم .. فيا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً ..
سؤالي يا شيخ : هل لهذا التجمع العظيم ، من آثار على المسلم وعلى أهل الإسلام ؟ وما هو المطلوب من الحاج أن يتذكره وهو متوجه إلى بيت الله الحرام ؟.
الحمد لله
نشكرك على هذا السؤال وهذا الاهتمام ، ونسأل الله التوفيق لمن حج بمغفرة الذنوب ، ولمن لم يحج بحصول المرغوب والنجاة من المرهوب .. آمين
.. آمين .
أما مقاصد الحج فهي مقاصد عظيمة ، وأهدافه سامية ، إليك شيئاً منها :
1. الارتباط بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن أبينا إبراهيم وبنائه للبيت إلى نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه
لحرمة مكة، فيتذكر الحاج حين تردده في المشاعر وأداء للشعائر تردد أولئك المطهرين في هذه البقاع الشريفة .
روى مسلم (241) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ
فَمَرَرْنَا بِوَادٍ فَقَالَ: أَيُّ وَادٍ هَذَا فَقَالُوا : وَادِي الأَزْرَقِ فَقَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
وَاضِعًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي .
قَالَ ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى ثَنِيَّةٍ فَقَالَ أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ قَالُوا هَرْشَى أَوْ لِفْتٌ فَقَالَ كَأَنِّي
أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ خِطَامُ نَاقَتِهِ لِيفٌ خُلْبَةٌ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي مُلَبِّيًا .
2. بياض اللباس ونقاؤه إشارة إلى طهارة الباطن ونقاء القلب وبياض الرسالة والمنهج ، وفيه طرح للزينة ، وإظهار للمسكنة ، وتذكر الموت حين
يلبس الإحرام ذلكم اللباس الشبيه بالكفن فكأنه مستعد للقدوم على الله جل وعلا .
3. الإحرام من الميقات ، يجسد التعبد والرق لله بطاعته والاستسلام لأمره وشرعه ، فلا يتجاوزه أحد لأنه أمر الله ، والشرع شرعه سبحانه ،
وفي هذا وحدة الأمة وانتظامها وضبطها لئلا يحصل التفرق والاختلاف في تحديد المواقيت .
4. الحج شعار التوحيد من أول لحظة يتلبس به الحاج : قال جابر بن عبد الله في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم : " ثم أهل بالتوحيد لبيك
اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " رواه مسلم (2137) . أنظر السؤال ( 21617 ) .
5. تذكر الآخرة حين يجتمع الناس في صعيد واحد في عرفات وغيرها ليس بينهم تفاضل ولا تغاير الكل في هذا البلد سواء لا فضل لأحد على أحد فيه
.
6. الحج شعار الوحدة فإن الحج جعل الناس سواسية في لباسهم وأعمالهم وشعائرهم وقبلتهم وأماكنهم ، فلا فضل لأحد على أحد : الملك والمملوك ،
الغني والفقير في ميزان واحد .
فالناس سواسية في الحقوق والواجبات، وهم سواسية في هذا البيت الحرام لا فرق بين الألوان والجنسيات وليس لأحد أن يفرق بينهم .
وحدة في المشاعر .. ووحدة في الشعائر.
وحدة في الهدف.. وحدة في العمل .
وحدة في القول "الناس من آدم، وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى "
أكثر من مليوني مسلم يقفون كلهم في موقف واحد .. وبلباس واحد .. لهدف واحد .. وتحت شعار واحد .. يدعون ربا واحدا .. ويتبعون نبيا واحدا..
وأي وحدة أعظم من هذه.
قال تعالى :{ إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه
من عذاب أليم }
7. تربية على القناعة في اللباس والسكن حيث يلبس خرقة من قطعيتين فتكفيه ، ويسكن في مكان بقدر نومه فيغنيه .
8. إرهاب أهل الكفر والضلال بهذا الاجتماع العظيم للمسلمين فإنهم وإن كانوا متفرقين مختلفين فإن مجرد اجتماعهم على اختلافهم في وقت معين
ومكان معين يدل على إمكان اجتماعهم في غيره .
9. بيان أهمية الاجتماع والتآلف بين المسلمين فإن كل إنسان تجده يسافر وحده ، بينما عند الحج تجده مع مجموعة ....
10. التعرف على أحوال المسلمين من خلال المصادر الموثوقة ، حيث يسمع المسلم من أخيه مباشرة عن أحوال إخوانه المسلمين في البلاد التي قدم
منها .
11. تبادل المنافع والخبرات بين المسلمين عامة.
12. اجتماع أهل الرأي والعلم والحل والعقد من جميع البلدان وتدارس أحوال المسلمين وحاجاتهم ، وأهمية تضامنهم وتعاونهم.
13. تحقيق عبودية الله تعالى في وقوفه في المشاعر إذ يترك المسجد الحرام ، الذي هو أفضل البقاع ويقف بعرفات .
14. غفران الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .
15. فتح باب الأمل لأهل المعاصي وتربيتهم على تركها ونبذها في تلك المشاعر ؛ حيث يتركون كثيرا من عاداتهم السيئة خلال فترة الحج وفي
المشاعر.
16. بيان أن الإسلام دين النظام ففي الحج ترتيب للمناسك والوقت ، كل عمل في مكانه وفي وقته المحدد له .
17. تربية النفس على النفقة في وجوه الخير والبعد عن الشح فالحاج يبذل الأموال الكثيرة من أجل الحج في الراحلة وفي الطريق وفي المشاعر .
18. اكتساب تقوى القلوب وصلاحها بتعظيم شعائر الله ، يقول الله تعالى : ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )
19. تربية للأغنياء بترك تميزهم في لباسهم وسكنهم ومساواتهم للفقراء في اللباس والمشاعر من طواف وسعي ورمي ، وفي هذا تربية لهم على
التواضع ، ومعرفة حقارة الدنيا .
20. مداومة الحاج على الطاعة وذكر الله تعالى في أيام الحج وهو ينتقل من مشعر إلى مشعر ومن عمل إلى آخر ، وهذا بمثابة دورة سنوية مكثفة
في طاعة الله وذكره .
21. تربية النفس على الإحسان إلى الناس فيرشد الضال ، ويعلم الجاهل ، ويساعد الفقير، ويقف مع العاجز والضعيف.
22. التخلق بالأخلاق الحسنة من الحلم وتحمل الأذى من الخلق ، فإن الحاج لابد له من أن يتعرض لمزاحمة أو مخاصمة أو غير ذلك ، قال تعالى :
( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )
23. التربية على الصبر وتحمل المشقة كالحر وطول الطريق والبعد عن الأهل والتردد بين المشاعر والزحام فيها .
24. التدرب على ترك العادات والتقاليد والمألوفات، فإن الحاج ملزم بكشف رأسه وترك لباسه. وسيترك ما اعتاده من سكن وطعام وشراب.
25. في سعي الحاج بين الصفا والمروة يتذكر أن من أطاع الله وتوكل عليه واعتصم به فإنه لا يضيعه بل يرفع ذِكْرَهُ ، فهذه هاجر أم إسماعيل
عليهما السلام لما قالت لإبراهيم : " آلله أمرك بهذا " قال : " نعم " قالت : اذاً فلن يضيعنا " فرفع الله ذِكْرَها وبدأ الناس يسعون مثلها بما فيهم
الأنبياء عليهم السلام .
26. تربية النفس على عدم اليأس من روح الله مهما اشتدت الخطوب وعظمت الكروب فإن الله بيده الفرج فهذه أم إسماعيل كاد وليدها أن يهلك ،
وبدأت تركض من جبل إلى آخر تتطلع للفرج فأتاها من حيث لا تحتسب إذ نزل الملك فضرب الأرض فخرج ماء زمزم وما فيه من شفاء لأمراض القلوب والأبدان .
27. يتذكر الحاج أنه في هذه المشاعر في ضيافة الرحمن فاجتماع الحج لم تدع له حكومة ولا هيئة ولا ملك ولا رئيس، إنما دعا إليه رب
العالمين، وجعله مقاما يلتقي فيه المسلمون على قدم المساواة لا فضل فيه لأحد على أحد ، قال تعالى : ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين
من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ..) .
وروى النسائي (2578) عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَفْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
ثَلاثَةٌ الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (2462).
28. الموالاة للمؤمنين ، يتمثل ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في
شهركم هذا في بلدكم هذا " رواه البخاري (65) ومسلم (3180) .
29. موسم الحج تبرز فيه المفاصلة التامة مع أهل الشرك والكفر ويحظر عدم حضورهم بأي وجه كان . حيث حُظِرَ عليهم دخول منطقة الحرم في كل
وقت مهما كان المقصد قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن
شاء إن الله عليم حكيم }
وروى البخاري أن أبا هريرة قال : " بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في المؤذنين ، بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى : أن لا يحج بعد
العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان " .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
د. يحي بن إبراهيم اليحي
المصدر موقع الشيخ يحيى اليحيى
*****
3478
عمل المسلم طبيبا في جيش الكفار
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
(1/3489)
سؤال رقم 3478- عمل المسلم طبيبا في جيش الكفار
ما حكم العمل طبيبا في جيش الكفار في غير حالة الحرب ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله ودار حوار هذا ملخّصه :
- الشيخ : للتمرن أم لماذا ؟
- طبيبا يداوي مرضاهم ، ولكن في غير حالة الحرب .
- الشيخ : وليسوا حربا على المسلمين ؟
- من الممكن أن يحاربوا المسلمين في المستقبل .
الشيخ : المستقبل لا نقدّمه . ( أي لا نعتمد عليه ولا نبني عليه ) .
- السائل يقول : أعمل في مكان الجنود الذين فيه لا يقاتلون المسلمين ، لكن من الممكن أن بعض الجيش يقاتلون في مكان آخر ، ويمكن أن يحاربونا في المستقبل ، لكن القاعدة العسكرية التي أعمل فيها الآن لا يحاربون المسلمين ؟
الشيخ : لكن هل الأمة هذه ( التي فيها الجيش ) ممن يحارب المسلمين ؟
- السائل يعمل في الجيش الأمريكي ، مسلم يعمل في أمريكا ؟
الشيخ - الله عز وجل يقول : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين "
- وإذا كانوا لم يُخرجونا ولكن ظاهروا على إخراجنا ، في الآية التي بعدها ؟
الشيخ : " إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم " .
- فإذا ثبت لديه أن هؤلاء ظاهروا على إخراجنا مثلا ، فهل العمل بالأجرة يدخل في البر والإحسان في الآية ؟
الشيخ : يقينا من البر والإحسان ، ما فيه شك .
- حتى لو كان يعمل بأجرة وليس متطوعا ؟
الشيخ : نعم ، لكن فيه انتفاعهم .
- ما خلاصة الجواب ؟
الشيخ : هذا لا يجوز إلا إذا كانت الأمة هذه التي يعمل في جيشها لا تقاتل المسلمين .
- ولا تخرجهم ولا تظاهر على إخراجهم ؟
الشيخ : نعم . أهـ والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
34780
هل صيام ست من شوال مكروه كما يقول بعض العلماء ؟
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >
(1/3490)
سؤال رقم 34780- هل صيام ست من شوال مكروه كما يقول بعض العلماء ؟
ماذا ترى في صيام ستة أيام بعد رمضان من شهر شوال ، فقد ظهر في موطأ مالك : أن الإمام مالك بن أنس قال في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان : أنه لم ير أحداً من أهل العلم والفقه يصومها ، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف ، وأن أهل العلم يكرهون ذلك ، ويخافون بدعته ، وأن يلحق برمضان ما ليس منه ، هذا الكلام في الموطأ الرقم 228 الجزء الأول .
الحمد لله
ثبت عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر ) رواه أحمد(5/417) ومسلم (2/822) وأبو داود (2433) والترمذي (1164) .
فهذا حديث صحيح يدل على أن صيام ستة أيام من شوال سنة ، وقد عمل به الشافعي وأحمد وجماعة من أئمة من العلماء ، ولا يصح أن يقابل هذا
الحديث بما يعلل به بعض العلماء لكراهة صومها من خشية أن يعتقد الجاهل أنها من رمضان ، أو خوف أن يظن وجوبها ، أو بأنه لم يبلغه عن أحد ممن سبقه من أهل
العلم أنه كان يصومها ، فإنه من الظنون ، وهي لا تقاوم السنة الصحيحة ، ومن علم حجة على من لم يعلم .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/389)
*****
34784
لماذا يكبر الإمام في صلاة العيد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >
(1/3491)
سؤال رقم 34784- لماذا يكبر الإمام في صلاة العيد
لماذا يسن لنا اثنتا عشرة تكبيرة في كل من صلاة العيدين قبل قراءة الفاتحة ، وما فائدة ذلك ، وما معناه دون الصلوات الخمس المفروضة ؟.
الحمد لله
الأصل في العبادات التوقيف ، وأن نتعبد بما أمرنا به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، سواء عرفنا الحكمة في ذلك أم لا ، وخاصة
كيفيات الصلاة والصوم والحج ، فليس للعقل فيها مجال ، ومن ذلك ما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لنا من التكبير ست تكبيرات أو سبع تكبيرات بعد تكبيرة
الإحرام وقبل قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة العيدين ، وخمس تكبيرات قبل قراءة الفاتحة في الركعة الثانية من صلاة العيدين دون الصلوات المفروضة .
فعلينا أن نؤمن بتشريع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ونستسلم له ، ونسمع ونطيع ؛ لأن الأصل في ذلك التعبد لا التعليل .
وليس للعبد أن يدخل فيما هو من شئون الله واختصاصه من العبادات وأنواعها وكيفياتها ، ولا أن يسأل لِمَ شرع الله كذا وترك كذا ، وما فائدة
هذا الذي شرعه ، بل عليه أن يعرف ما شرع الله ورسوله ويعمل به ، فإن ظهرت له الحكمة فالحمد لله ، وإلا استسلم لحكم الله وأطاع وأيقن أنه لم يشرع إلا لحكمة
ومصلحة للعباد ؛ لأنه سبحانه حكيم عليم في أقواله وأفعال ه، وشرعه وقدره ، قال تعالى : ( إن ربك حكيم عليم ) الأنعام / 83
ومما يدل على ما ذكرنا قوله سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) الأحزاب / 21 ، وقوله صلى الله عليه
وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، رواه البخاري في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : ( خذوا عني مناسككم ) رواه مسلم 378 .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/299)
*****
34791
أخوال الوالدين وأعمامهما من المحارم
الفقه > معاملات > النكاح > المحارم >
(1/3492)
سؤال رقم 34791- أخوال الوالدين وأعمامهما من المحارم
هل يجب على المرأة أن تتحجب أمام أخي جدتها لأبيها ؟.
الحمد لله
أخو الجدة من جهة الأب هو خال الأب ، وخال كل إنسان يعتبر خالاً لجميع ذريته ، وعلى هذا فخال أبيك هو خال لك ، فيكون من محارمك ولا يجب
عليك أن تتحجبي أمامه . بل يجوز لك أن تكشفي أمامه ما جرت العادة بكشفه أمام المحارم .
قال الشيخ ابن عثيمين :
واعلم أن كل خالة لشخص أو عمة فهي خالة له ولمن تفرع منه ، وعمة له ولمن تفرع منه ، فعمة أبيك عمة لك ، وخالة أبيك خالة لك ، وكذلك عمة
أمك عمة لك ، وخالة أمك خالة لك . وكذلك عمات أجدادك أو جداتك عمات لك ، وخالات أجدادك أو جداتك خالات لك اهـ "فتاوى إسلامية" (3/131) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضاً :
هل يجوز للمرأة أن تكشف على عم أمها أو خال أمها أو عم أبيها أو خال أبيها ؟ أي هل يعد هؤلاء الأشخاص من المحارم ؟
فأجاب : نعم ، إذا كان لأم المرأة أو أبيها عم شقيق أو من الأب أو من الأم أو لها خال كذلك فإنه يكون من محارم المرأة ، لأن عم أبيك عم
لك ، وخال أبيك خال لك ، وكذلك عم أمك وكذلك خالها من النسب فإنه يكون عماً أو خالاً لك اهـ
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة (2/596) .
والله تعالى أعلم .
*****
34801
الزيادة على زكاة الفطر
الفقه > عبادات > زكاة الفطر >
(1/3493)
سؤال رقم 34801- الزيادة على زكاة الفطر
هل زكاة الفطر محدودة بأن أكيل لكل شخص من أفراد عائلتي صاعاً واحداً بدون تزويد ، إنني أقصد بالزيادة الصدقة ليس احتياطاً عن نقص الصاع دون أن أخبر الفقير الذي أدفعها له بتلك الصدقة مثل : عندي عشرة أشخاص ثم اشتريت كيس أرز يزن خمسين كيلواً ثم دفعتها كلها زكاة فطر عن هؤلاء العشرة بدون عدها بالأصواع ؛ لأنني أعرف بأنها تزيد عنهم بعشرين كيلو أو أكثر ، جاعلاً الزيادة صدقة ، ثم إنني لا أخبره بأن هذه الزيادة صدقة ، بل أقول : خذ زكاتنا ، فهو لا يعلم أن ذلك الكيس فيه زيادة عن الزكاة فيأخذها راضياً بها . فما الحكم في ذلك.
الحمد لله
زكاة الفطر صاع من البر أو التمر أو الأرز ونحوها من قوت البلد للشخص الواحد ، ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً ، ولا حرج في إخراج زيادة
في زكاة الفطر كما فعلت بنية الصدقة ولو لم تخبر بها الفقير .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/370) .
*****
34802
لا زكاة في الأرض إذا لم يقصد بها التجارة
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >
سؤال رقم 34802: لا زكاة في الأرض إذا لم يقصد بها التجارة
رجل يملك قطعة أرض ولا ينوي الآن بيعها وهي تقع في مدينة تجارية وينوي أن يبني عليها بيتا في المستقبل لكي يستثمره فهل تجب فيها الزكاة ؟.
الحمد لله
هذه الأرض لا زكاة فيها ، لأن الأرض لا تجب فيها الزكاة إلا إذا قصد صاحبها بها التجارة .
ثم إذا بنيتها واستثمرتها فعليك الزكاة في المال الذي تحصل عليه إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول .
سئل الشيخ ابن عثيمين : هل على الأرض المعدة للسكن في المستقبل زكاة ؟
فأجاب :
لا زكاة فيها إذا أعدها للبناء ، أو للاستغلال إلا على الأجرة إذا حال عليها الحول اهـ .
وقال أيضاً :
الأرض التي اشتريتها لتكون سكناً لك أو لتكون للإيجار فلا زكاة فيها ولو بقيت عدة سنوات ، لأن الأرض التي فيها الزكاة هي ما أعدها
الإنسان للبيع للاتجار والتكسب ، وأما ما أعده الإنسان لحاجته أو لاستغلاله فلا زكاة فيه كما هو شأن جميع عروض التجارة ، وعلى هذا فلا زكاة عليك في هذه
الأرض ، والله الموفق اهـ
فتاوى منار الإسلام (1/298، 299) .
والله أعلم .
*****
34807
له صور عند بعض أصدقائه طلبها منهم لإتلافها فرفضوا
الرقائق > التوبة >
(1/3494)
سؤال رقم 34807- له صور عند بعض أصدقائه طلبها منهم لإتلافها فرفضوا
لي بعض من الصور عند أصدقائي وطلبت منهم هذه الصور لكي أمزقها خوفا من عذاب الله ، بعضهم أعطاني والبعض رفضوا بحجة أن الإثم عليهم وليس عليّ شيء . فهل هذا صحيح أرجو أن تفيدوني ؟.
الحمد لله
التوبة النصوح من الذنوب يمحو الله بها الذنوب كما قال الله سبحانه : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها ) ، وعليك إتلاف ما لديك من الصور لقول
النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : ( لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه ، أما
صورك التي عند الناس إذا طلبتها منهم وامتنعوا من تسليمها لك فقد برئت منها وتعمها التوبة ، والإثم على من اقتناها ، أصلح الله الجميع .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، م/4 ، ص/422
*****
34808
عشر نصائح للذين فقدوا أموالهم في شركات الاستثمار
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >
(1/3495)
سؤال رقم 34808- عشر نصائح للذين فقدوا أموالهم في شركات الاستثمار
ما هي النصيحة التي تقدم لمن فقدوا أموالهم في شركات الاستثمار ؟.
الحمد لله
1- ينبغي على المسلم أن يسعى في استثمار أمواله في مجال مباح ، ليس بمحرم ، وأن يجتنب الشبهات .
2- أن يختار القوي الأمين القادر على إدارة المال وتنميته واستثماره الخبير بوجوه تقليبه .
3- أن يكون عقد المضاربة والاستثمار صحيحاً شرعاًَ ، خالياً من الشروط الباطلة والمحرمة ، فلا يجوز الدخول في عقد فيه ضمان رأس المال أو
مبلغاً محدداً من الأرباح ويجب أن تكون نسبة الشريكين معلومة ... الخ .
4- على المضارب المستثمر أن يتقي الله تعالى في إدارته لأموال الناس ، فلا يأخذ ما لا قدرة له على إدارته ، ولا يقبل من أحد مالاً يعلم
أنه سيُقصر في استثماره ، وعليه أن يلتزم بشروط المضاربة ، فإذا شرط لرب المال أن يستثمر المال في بلد معين ، فلا يجوز أن يخرج عنه ، وإذا شرط أن يستثمر له
في مجال معين فلا يجوز أن يتعداه ، ولا يجوز أن يحتال على الناس فيوهمهم أنه يربح وهو لا يربح ، ومن الكبائر أن يعطي أرباح المساهمين القدامى من رؤوس أموال
الجدد وليس عنده تجارة حقيقة ينمي فيها المال ، ولا يجوز أن يغري الناس بنسب أرباح عالية وهو يعلم يقيناًَ أنه لا توجد لديه تجارة تنتج مثل هذه النسبة من
الأرباح .
5- وعليه أن يخاف الله في أموال الناس فيوفر لها من الطاقم الإداري والمالي وأصحاب الخبرات ، القادرين على تنمية هذه الأموال التي
يستلمها الناس .
في حالة حدوث الخسارة :
- يجب على المضارب أن يكون صادقاً أميناً بإبلاغ الناس بحقيقة ما حصل .
- وإذا حصل منه تعد أو تفريط فعليه ضمان ما فرط فيه . ويتحمل هو الخسارة الناتجة من تضييعه وتفريطه .
- على رب المال إذا خسر أن يرضى بقضاء الله وقدره وأن يسعى إلى تخفيف المصيبة ومعالجة آثارها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من رأس المال بكل
الطرق المباحة والمشروعة .
- إن الرضى بالقضاء والقدر يجنب من خسر ماله الانهيار النفسي والإحباط المعنوي ، فلا يصاب بالجنون أو بسكتة قلبية ، أو ينتحر كما يقع
لبعض غير الصابرين ، وعليه أن يتذكر الحقائق التالية :
المصائب التي تصيب الإنسان في نفسه ، أو ماله أو في أسرته، أو في مجتمعه ليست شراً محضاً، يوجب الجزع بل هي خير للمؤمن إن أحسن تلقيها
والتعامل معها ، فهي :
أ – خير له كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ
فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .
ب – لعل الله أراد به خيرا : روى البخاري (5645) عن أَبي هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ ) .
قال الحافظ : قَالَ أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ : مَعْنَاهُ يَبْتَلِيه بِالْمَصَائِبِ لِيُثِيبَهُ عَلَيْهَا .
ج- ولعل الله يحبه : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّه قَوْمًا اِبْتَلاهُمْ , فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْر ، وَمَنْ جَزَع فَلَهُ الْجَزَع ) . وَرُوَاته ثِقَات .
وعن سَخْبَرَة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ أُعْطِيَ فَشَكَرَ , وَابْتُلِيَ فَصَبَرَ , وَظَلَمَ
فَاسْتَغْفَرَ , وَظُلِمَ فَغَفَرَ , أُولَئِكَ لَهُمْ الأَمْن وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) . أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَن اهـ كلام الحافظ .
د- لقد أبان الله في كتابه طريقة تريح القلوب ، وتهدئ ثائرة النفس ، وذلك بالصبر والاسترجاع ، وقرن ذلك بالجزاء الأوفى من الله، والثواب
الذي يرفع الله به درجة الصابر المحتسب ، وهو وعد من الله سينجزه سبحانه ، كما قال سبحانه : ( وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا
إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) البقرة/155-157 .
قال القرطبي :
وقد جعل الله عز وجل ، كلمات الاسترجاع ، وهي قول المصاب : إنا لله وإنا إليه راجعون ملجأ وملاذاً لذوي المصائب ، وعصمة للممتحنين من
الشيطان ، لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، فيهيّج ما سكن ، ويظهر ما كمن لأنه إذا لجأ لهذه الكلمات، الجامعات لمعاني الخير والبركة، فإن
قوله : إنا لله إقرار بالعبودية ، والملك واعتراف العبد لله، بما أصابه منه ، فالملك يتصرف في ملكه كيف يشاء ، وقوله : إنا إليه راجعون إقرار بأن الله
يهلكنا ، ثم يبعثنا ، فله الحكم في الأولى، وله المرجع في الأخرى , وفيه كذلك رجاء من عند الله بالثواب .
ومن بركة هذا الاسترجاع العاجلة ، بالإضافة إلى ما ذكر، ما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: ما من مسلم تصيبه مصيبة ، فيقول ما أمره الله به : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، وأخلف لي خيراً منها ، إلا أخلف الله خيراً منها .
هـ - أنها كفارة للسيئات لما روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَا مِنْ مُصِيبَةٍ
تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا. رواه البخاري ومسلم .
د – أنّ المطلوب التماسك والصبر عند أول سماع الأنباء السيئة وورود خبر انهيار شركات الاستثمار مثلا وهذا يحمي من الجلطة والسكتة
والانهيارات النفسية والعصبية ، بالإضافة إلى أنّ الصبر الذي يثاب عليه المرء هو ما كان عند بداية الصدمة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا
الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى . رواه البخاري (1238) ومسلم (926) .
قال النووي : مَعْنَاهُ الصَّبْر الْكَامِل الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الأَجْر الْجَزِيل لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّة فِيهِ اهـ .
و - إن العبد إذا أحسن التعامل مع المصيبة صارت في حقه نعمة ، إذ يكفر الله بها من خطاياه ، ويرفع بها درجته .
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي
الله بعض القوم بالنعم
ز - على المسلم أن يوقن يأن ذهاب ماله ليس دليلا على إهانة الله له فقد أخبرنا الله أن الغنى والفقر مطيتا الابتلاء والامتحان . فقال
سبحانه : ( فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ
فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ) الفجر / 16 .
ح - على المسلم أن يقتدي عند المصيبة بمن سبق من أهل البلاء من عباد الله الصالحين ، قال تعالى في تفريجه عن أيوب عليه السلام ( رحمة من
عندنا ) أي رفعنا عنه شدته وكشفنا ما به من ضر رحمة منا به ورأفة واحسانا ( وذكرى للعابدين ) أي تذكرة لمن ابتلى في جسده أو ماله أو ولده فله أسوة بنبي
الله أيوب حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب حتى فرج الله عنه
وقد جاء للوليد بن عبد الملك شيخ من عبس كفيف البصر، ولما جلس عنده في عشية أحد أيام، سأله الوليد عن حاله ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ،
لقد بت في ليلة من الليالي ، وما في عبس رجل أكثر مني مالاً، وخيلاً وإبلاً ، وولداً ولا أعزهم نفراً ، وأكثرهم جاهاً .
فطرقنا سيل ذهب بالأهل والولد والمال ، ولم يبق من ظعننا إلا غلام ولد حديثاً ، وبكر شرود وهو ولد الناقة الصغير , فاتجهت للصبي وحملته ،
ثم لحقت بالبكر الذي ند ، ولما عجزت عن اللحاق به ، وضعت الصبي في الأرض ، وسرت وراء البكر ، فسمعت صراخ الصبي ، ولما رجعت إليه وجدت الذئب قد أكله ، فلحقت
بالبعير ، ولما أمسكت به ، رمحني برجله على وجهي ، فذهب بصري ، وألقاني على قفاي , ولما أفقت إذا بي في المساء من أصحاب الثروة والمال والحلال ، والولد
والجاه والمكانة بين القبائل ، قد أصبحت في الغداة ، صفر اليدين لا بصر في عينيّ ، ولا ولد ولا أهل ولا مال ، فحمدت الله على ذلك ، فقال الوليد : اذهبوا به
إلى عروة بن الزبير ، ليعلم أن في الدنيا من هو أكثر منه بلاء ، وأشد تحملا وصبراً .
فإذا ابتليت بمحنة فاصبر لها صبر الكريم فإن ذلك أحكم
وإذا ابتليت بكربة فالبس لها ثوب السكوت فإن ذلك أسلم
لا تشكونّ إلى العباد فإنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
وكم من بلاء يكون نعمة على صاحبه ، فرب عبد تكون الخيرة له في الفقر والمرض ، ولو صح بدنه وكثر ماله لبطر وبغى ( ولو بسط الله الرزق
لعباده لبغوا في الأرض ) الشورى / 27 0
كن عن همومك معرضا وكل الأمور إلى القضا
وأبشر بخير عاجل تنسى به ما قد مضى
فلرب أمر مسخط لك في عواقبه رضى
ولربما ضاق المضيق ولربما اتسع الفضا
الله يفعل ما يشاء فلا تكن معترضا
الله عودك الجميل فقس على ما قد مضى
ط- إن انهيار شركات الاستثمار لا يعني أنه لا يرجع إليه شيء من ماله بل ربما يعود إليه نصفه أو أكثر أو أقل ، وحتى لو خسر المال كله
فليست تلك نهاية العالم ، ولا فقدان كل الأمل بل يمكن أن يرزقه الله مالاًَ آخر في المستقبل ويعوضه إذا صبر .
6- تجب التوبة إلى الله على كل من كذب بالمعلومات أو أوهم غيره بشيء غير حقيقي أو استعمل التلبيس والتدليس ، أو كان يأخذ مالاً من الناس
لاستثماره بأمر معين ثم يخدعهم بوضعه في شركات الاستثمار المنهارة ويقسم الربح بينه وبينهم .
وكذلك من غامر بأموال الناس أو بمدخرات أخته أو أمه أو زوجته ولم يبين لها حقيقة ما سيفعله بمالها وكذلك من اقترض بالربا ليدخل في شركات
الاستثمار هذه ، ولعل في انكشاف الحقائق دروساً عظيمة وعبراًَ بليغة تجب الاستفادة منها .
7- ينبغي على الناصحين والذين سبق وأن حذروا الناس من أمثال هذه المغامرات ، أن يعلموا أنه لا مجال للشماتة في مثل هذه الأحوال وأن عليهم
السعي بكل وسيلة لتخفيف المصاب ، والتسلية عن الأحزان وتقديم أنواع المساندة للمتضررين .
8- إن الدين الإسلامي وأهله الصادقين المتمسكين به لا يتحملون بأي حال من الأحوال نتائج أي عمل من أعمال الكذب أو الغش أو التدليس أو
الخيانة أو سوء التصرف أو المغامرة بالأموال على غير هدى والخبط العشوائي فيها وتبديدها في مجالات خاسرة أو تعريضها للنصب والاحتيال وإنما يتحمل كل مذنب
ومفرط جريرة ما فعله هو وحده ولا يجوز أن يحمَّل الآخرون نتيجة طيشه ومسؤولية سوء تصرفه أو كذبه واحتياله قال الله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ
أُخْرَى ) وقال تعالى : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) وقال ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) وقال تعالى : ( كونوا قوامين بالقسط ) .
9- يجب سلوك السبل الشرعية عند حصول الخسائر فيقسم المال الباقي بعد الخسارة على أصحاب رأس المال فيكونون أسوة فيعطى كل منهم نسبة من
المال الباقي بحسب نسبته من رأس المال الأصلي .
ولا يجوز أن يقوم سوق السماسرة المحرم بشراء الديون والأموال التي لم يتم تحصيلها بمبالغ أقل لأن ذلك يجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة ،
والربا من أكبر الكبائر .
(1/3496)
10- ينبغي على المسلمين أن يتسع صدور بعضهم لبعض ، فلا مجال للسباب أو المشاتمة أو طلاق الزوجة أو العقوق وقطع الرحم أو الاعتداء على
الآخرين .
وينبغي على المقتدرين من المسلمين المساعدة بما أمكن في تعويض أصحاب رأس المال من المساكين والضعفاء والأيتام والأرامل ، والعجائز ،
وأصحاب الدخول المحدودة والذين باعوا بيوتهم ، وسياراتهم وقاموا بتصفية تجاراتهم لوضعها في الاستثمار الخاسر ، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأموال الخيرية
التي وضع بعضها ظلماً وعدواناً في هذه المضاربات بلا إذن من المتبرعين بها وليس وراءها أصوات تلح وتطالب بحقها .
وعلى المحامين المسلمين السعي في إعانة الضعفاء على تحصيل حقوقهم واحتساب الأجر في استنقاذ الأموال الخيرية ، وتبرئة الأبرياء وتقديم
المشورة والنصح في الدين .
نسأل الله أن يخلف للمصابين وأن يعوضهم خيرا من عنده ويرزقهم الصبر على ما أصابهم وهو خير الرازقين .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
3481
الراتب من عمل حصل عليه بشهادة مزورة
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
(1/3497)
سؤال رقم 3481- الراتب من عمل حصل عليه بشهادة مزورة
السؤال : ما حكم الراتب من عمل حصل عليه بشهادات خبرة مزورة ثم أتقن العمل بعد ذلك ، فأول ما توظف بشهادات خبرة مزورة ثم بعد ستة أشهر أتقن العمل مثله مثل أي واحد عنده شهادات حقيقية ، فراتبه بعد الإتقان ما حكمه ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فكان هذا الحوار :
الشيخ : أنا رأيي أنه لا بد أن يَختبر ، إلا إذا كان غشّ في مادة من المواد التي لا علاقة لها في عمله .
سؤال : هذا مثلا طالب ثانوي زوّر شهادة جامعة - أربع سنوات - .. ؟
الشيخ : العبرة على السنة الأخيرة التي فيها الشهادة ، يعني مثلا لو قدّرنا أنه غشّ في كل المستويات إلا الأخير كفى .
- : يعني أربعة والفصل الأخير لم يغش فيه ؟
الشيخ : نعم ، الذي هو يأخذ عليه الشهادة .
- : لو كانت الشهادة كلها - حسب سؤاله - أصلا مزورة ، بمعنى انه لم يدرس جامعة أصلا ؟ أو درس تخصصأ آخر - مثلا واحد درس تجارة وأتى لهم بشهادة كمبيوتر مزورة وأتقن العمل - حسب سؤاله - أنه أتقن العمل بعد ذلك ، لكنه لم يغش في آخر فصل مثلا بل لم يدرس هذا التخصص أصلا ؟
الشيخ : لا يجوز ، لا بد الآن - مادام أنه أتقن العمل - لابد له أن يختبر .
- : طبعا الشركة لا علاقة لها بالجامعة ، فتقصد أنه يخرج من العمل ؟
الشيخ : يخرج من العمل أو إذا كان عنده استعداد الآن أن يقدم اختبار في المواد ، أو إذا كانت الشركة لا يهمها أن يكون جامعيا أو غير جامعي فلابد أن يختبر في طبيعة العمل .
- : إذن يقول للشركة اختبروني ؟
الشيخ : نعم ، يقول : أنا أريد أن أتأكد من خبرتي ، فأجروا لي اختبارا .
- : وليس اختبار الجامعة .
الشيخ : هم لا يهمهم جامعي أو غير جامعي .
- : هم مشترطون في الوظيفة أصلا أن يكون جامعيا وعنده شهادة في الكمبيوتر .
الشيخ : معناه شرطان ، أن يكون جامعيا وأن يكون عنده خبرة في الكمبيوتر ، معناه لابد أن يأخذ شهادة جامعة .
- : إذن لابد أن يقول لهم أنا زورت الشهادة ، فتقبلوا بوضعي الآن بعدما أتقنت العمل أو أخرج .
يعني لابد أن يبين لهم .
الشيخ : نعم . أهـ ، الله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
34810
كيف نفهم النزول الإلهي والليل مختلف في البلدان
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >
(1/3498)
سؤال رقم 34810- كيف نفهم النزول الإلهي والليل مختلف في البلدان
ورد في الحديث : ( ينزل الله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ) الحديث ، متى يبدأ الثلث الأخير ومتى ينتهي ، وكيف يكون النزول الإلهي في البلدان المختلفة ؟.
الحمد لله
قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثبات النزول وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة
حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له .. ) .
وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات صفة النزول على الوجه الذي يليق بالله سبحانه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته كما قال سبحانه : (
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) وقال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) فالواجب عند أهل السنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل
مع الإيمان بها واعتقاد أن ما دلت عليه حق ليس في شيء منها تشبيه لله بخلقه ولا تكييف لصفته بل القول عندهم في الصفات كالقول في الذات ، فيما يثبت أهل
السنة والجماعة ذاته سبحانه بلا كيف ولا تمثيل فهكذا صفاته يجب إثباتها بلا كيف ولا تمثيل ، والنزول في كل بلاد بحسبها لأن نزول الله سبحانه لا يشبه نزول
خلقه وهو سبحانه يوصف بالنزول في الثلث الأخير من الليل في جميع أنحاء العالم على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه ولا يعلم كيفية نزوله إلا هو كما لا يعلم
كيفية ذاته إلا هو عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) وقال عز وجل : ( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ
يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .
وأول الثلث وآخره يعرف في كل زمان بحسبه فإذا كان الليل تسع ساعات كان أول وقت النزول أول الساعة السابعة إلى طلوع الفجر ، وإذا كان
الليل اثنتي عشرة ساعة كان أول الثلث الأخير أول الساعة التاسعة إلى طلوع الفجر وهكذا بحسب طول الليل وقصره في كل مكان . والله ولي التوفيق .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، م/4 ، ص/420
*****
34815
دخول الحائض لما يلحق بالمسجد
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
(1/3499)
سؤال رقم 34815- دخول الحائض لما يلحق بالمسجد
عندنا مسجد يتكون من ثلاثة أدوار : الدور الأعلى مصلى للنساء ، والدور الذي تحته المصلى الأصلي ، والدور الذي تحته وهو عبارة عن ( قبو ) فيه المغاسل ومكان للمجلات والصحف الإسلامية وفصول دراسية نسائية ومكان لصلاة النساء أيضا ، فهل يجوز للنساء الحُيّض دخول هذا الدور السفلي ؟.
الحمد لله
يرجع في ذلك إلى نية من أوقف المسجد ، فإن كان نوى أن يكون الدور الأسفل جزءاً من المسجد فحكمه حكم المسجد ، فلا يجوز للحائض دخوله .
وإن كان نوى أنه ليس من المسجد وإنما تكون فيه المغاسل وغيرها فلا يعد هذا الدور من المسجد ، ولا يأخذ حكم المسجد ، وعلى هذا يجوز للحائض
دخوله والجلوس فيه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
( إذا كان المبنى المذكور قد أعد مسجدا ويسمع أهل الدورين الأعلى والأسفل صوت الإمام صحت صلاة الجميع ، ولم يجز للحيض الجلوس في المحل
المعد للصلاة في الدور الأسفل ؛ لأنه تابع للمسجد ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب )
أما مرورها بالمسجد لأخذ بعض الحاجات مع التحفظ من نزول شيء من الدم فلا حرج في ذلك؛ لقوله سبحانه : ( وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي
سَبِيلٍ ) النساء / 221 ، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر عائشة أن تناوله الحمرة ( وهي السجادة ) من المسجد ، فقالت :
إنها حائض ، فقال صلى الله عليه وسلم : إن حيضتك ليست في يدك
أما إن كان الدور الأسفل لم ينوه الواقف من المسجد ، وإنما نواه مخزنا ومحلا لما ذكر في السؤال من الحاجات ، فإنه لا يكون له حكم المسجد
، ويجوز للحائض والجنب الجلوس فيه ولا بأس بالصلاة فيه في المحل الطاهر الذي لا يتبع دورات المياه كسائر المحلات الطاهرة التي ليس فيها مانع شرعي يمنع من
الصلاة فيها ، لكن من صلى فيه لا يتابع الإمام الذي فوقه إذا كان لا يراه ولا يرى بعض المأمومين ؛ لأنه ليس تابعا للمسجد في الأرجح من قولي العلماء .
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 10 / 221
والله اعلم .
*****
34817
ما هي حقيقة الشرك ، وما هي أقسامه؟
العقيدة > الشرك وأنواعه >
(1/3500)
سؤال رقم 34817- ما هي حقيقة الشرك ، وما هي أقسامه؟
أقرأ كثيراً : (هذا الفعل شرك أكبر ، وهذا شرك أصغر ) فهل توضح لي حقيقة الفرق بينهما ؟.
الحمد لله
إن من الواجبات المحتمات ، ومن أهم المهمات ؛ أن يعرف العبد معنى
الشرك وخطره وأقسامه حتى يتم توحيده ، ويسلم إسلامه ، ويصح إيمانه . فنقول وبالله
التوفيق ومنه السداد :
اعلم ـ وفقك الله لهداه ـ أن الشرك في اللغة هو : اتخاذ الشريك
يعني أن يُجعل واحداً شريكاً لآخر . يقال : أشرك بينهما إذا جعلهما اثنين ، أو أشرك
في أمره غيره إذا جعل ذلك الأمر لاثنين .
وأما في الشرع فهو : اتخاذ الشريك أو الند مع الله جل وعلا في
الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات .
والند هو : النظير والمثيل . ولذا نهى الله تعالى عن اتخاذ
الأنداد وذم الذين يتخذونها من دون الله في آيات كثيرة من القرآن فقال تعالى : (
فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة / 22 .
وقال جل شأنه : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا
عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) إبراهيم / 30 .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وهو يدعو
من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري (4497) ومسلم (92)
أقسام الشرك :
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الشرك والتنديد تارة يكون
مخرجاً من الملة ، وتارة لا يكون مخرجاً من الملة ، ولذا اصطلح العلماء على تقسيمه
إلى قسمين : ( شرك أكبر ، وشرك أصغر ) وإليك تعريفاً موجزاً بكل قسم :
أولاً : الشرك الأكبر :
وهو أن يصرف لغير اللهِ ما هو محض حق الله من ربوبيته وألوهيته
وأسمائه وصفاته .
وهذا الشرك تارة يكون ظاهراً : كشرك عبَّاد الأوثان والأصنام
وعبَّاد القبور والأموات والغائبين .
وتارة يكون خفياً : كشرك المتوكلين على غير الله من الآلهة
المختلفة ، أو كشرك وكفر المنافقين ؛ فإنهم وإن كان شركهم أكبر يخرج من الملة ويخلد
صاحبه في النار ؛ إلا أنه شرك خفي ، لأنهم يظهرون الإسلام ويخفون الكفر والشرك فهم
مشركون في الباطن دون الظاهر .
كما أن هذا الشرك تارة يكون في الاعتقادات :
كاعتقاد أن هناك من يخلق أو يحي أو يميت أو يملك أو يتصرف في هذا
الكون مع الله تعالى.
أو اعتقاد أن هناك من يطاع طاعة مطلقة مع الله ، فيطيعونه في
تحليل ما شاء وتحريم ما شاء ولو كان ذلك مخالفا لدين الرسل .
أو الشرك بالله في المحبة والتعظيم ، بأن يُحب مخلوقا كما يحب
الله ، فهذا من الشرك الذي لا يغفره الله ، وهو الشرك الذي قال الله فيه : ( ومن
الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) البقرة / 165 .
أو اعتقاد أن هناك من يعلم الغيب مع الله ، وهذا يكثر لدى بعض
الفرق المنحرفة كالرافضة وغلاة الصوفية والباطنية عموما ، حيث يعتقد الرافضة في
أئمتهم أنهم يعلمون الغيب ، وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك .
وكاعتقاد أن هناك من يرحم الرحمة التي تليق بالله عزَّ وجل ، فيرحم مثله وذلك بأن
يغفر الذنوب ويعفو عن عباده ويتجاوز عن السيئات .
وتارة يكون في الأقوال :
كمن دعا أو استغاث أو استعان أو استعاذ بغير الله فيما لا يقدر
عليه إلا الله عز وجل ؛ سواء كان هذا الغير نبيا أو وليا أو مَلَكا أو جِنِّياًّ ،
أو غير ذلك من المخلوقات ، فإن هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة .
وكمن استهزأ بالدين أو مثل اللهَ بخلقه ، أو أثبت مع الله خالقاً
أورازقاً أو مدبراً ، فهذا كله من الشرك الأكبر والذنب العظيم الذي لا يغفر .
وتارة يكون في الأفعال :
كمن يذبح أو يصلي أو يسجد لغير الله ، أو يسن القوانين التي
تضاهي حكم الله ويشرعها للناس ، ويلزمهم بالتحاكم إليها ، وكمن ظاهر الكافرين
وناصرهم على المؤمنين ، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي أصل الإيمان ، وتخرج فاعلها
من ملة الإسلام . نسأل الله عفوه وعافيته .
ثانياً : الشرك الأصغر :
وهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر ، أو ورد في النصوص أنه
شرك ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر .
وهذا يكون في الغالب من جهتين :
الأولى : من جهة التعلق ببعض الأسباب التي لم يأذن الله جل وعلا
بها ، كتعليق الكَفِّ والخرز ونحو ذلك على أنها سبب للحفظ أو أنها تدفع العين والله
تعالى لم يجعلها سبباً لذلك لا شرعاً ولا قدراً .
الثانية : من جهة تعظيم بعض الأشياء التعظيم الذي لا يوصلها إلى
مقام الربوبية ، كالحلف بغير الله ، وكقول : لولا الله وفلان ، وأشباه ذلك.
وقد وضع العلماء ضوابط وقواعد يتميز بها الشرك الأكبر عن الأصغر
عند وروده في النصوص الشرعية فمن هذه الضوابط ما يلي :
1- أن ينص النبي صلى الله عليه وسلم صراحة على أن هذا الفعل من
الشرك الأصغر : كما في المسند ( 27742 ) عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ
عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا الشِّرْكُ
الأَصْغَرُ؟ قَالَ :الرِّيَاء . إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ
تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ
تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ
جَزَاءً " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (951 )
2- أن يرد لفظ الشرك في نصوص الكتاب والسنة منكَّراً ـ أي غير
مقترن بالألف واللام ـ فهذا في الغالب يقصد به الشرك الأصغر وله أمثلة كثيرة كقوله
صلى الله عليه وسلم " إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك "
أخرجه أبو داود ( 3883 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 331 )
فالمقصود بالشرك هنا الأصغر دون الأكبر .
والتمائم شيء يعلق على الأولاد كالخرز ونحوه يزعمون أن ذلك يحفظه
من العين .
والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها ، والرجل
إلى امرأته .
3- أن يفهم الصحابة من النصوص الشرعية أن المراد بالشرك في هذا
الموضع هو الأصغر دون الأكبر ، ولا شك أن فهم الصحابة معتبر ، فهم أعلم الناس بدين
الله عز وجل ، وأدراهم بمقصود الشارع . ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو داود (3910 ) عن
ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ
الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا ، وَمَا مِنَّا إِلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ
بِالتَّوَكُّل" فجملة ( وما منا إلا .. ) هذه من كلام ابن مسعود كما بين ذلك جهابذة
المحدثين فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه فهم أن هذا من الشرك الأصغر ،
لأنه لا يمكن أن يقصد وما منا إلا ويقع في الشرك الأكبر ، كما أن الشرك الأكبر لا
يذهبه الله بالتوكل بل لابد من التوبة .
4- أن يفسر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الشرك أو الكفر بما يدل
على أن المقصود به الأصغر وليس الأكبر كما روى البخاري ( 1038 ) ومسلم (71 ) عَنْ
زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى
إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : "هَلْ تَدْرُونَ
مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : "
أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا
بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ
بِالْكَوْكَبِ "
فالكفر هنا جاء تفسيره في الرواية الأخرى عن أبي هريرة قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا
قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالَ : "مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا
أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ الْكَوَاكِبُ
وَبِالْكَوَاكِبِ " فبين هنا أن من نسب إنزال المطر إلى الكواكب باعتبارها سبباً
لنزوله ـ والواقع أن الله لم يجعلها سبباً لذلك ـ فكفره كفرٌ بنعمة الله عليه ،
ومعلوم أن كفر النعمة كفر أصغر أما من اعتقد أن الكواكب هي التي تتصرف في الكون
وأنها هي التي تنزل المطر فهذا شرك أكبر .
والشرك الأصغر تارة يكون ظاهراً كلبس الحلقة والخيط والتمائم
ونحو ذلك من الأعمال والأقوال.
وتارة يكون خفياً كيسير الرياء .
كما أنه تارة يكون بالاعتقادات :
كأن يعتقد في شيء أنه سبب لجلب النفع ودفع الضر ولم يجعله الله
سبباً لذلك . أو يعتقد في شيء البركة ، والله لم يجعل فيه ذلك .
وتارة يكون بالأقوال :
كمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا ؛ دون أن يعتقد أن النجوم هي التي
تستقل بإنزال المطر ، أو حلف بغير الله دون أن يعتقد تعظيم المحلوف به ومساواته لله
، أو قال ما شاء الله وشئت . ونحو ذلك .
وتارة يكون بالأفعال :
كمن يعلِّق التمائم أو يلبس حلقة أو خيطا ونحوهما لرفع البلاء أو
دفعه، لأن كل من أثبت سبباً لشيء والله لم يجعله سببا له شرعا ولا قدراً، فقد أشرك
بالله . وكذلك من يتمسح بشيء رجاء بركته ولم يجعل الله فيه البركة ، كتقبيل أبواب
المساجد ، والتمسح بأعتابها ، والاستشفاء بتربتها ، ونحو ذلك من الأفعال .
هذه نبذة مختصرة عن تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتفصيلات ذلك
لا يمكن استيعابها في هذه الإجابة المختصرة .
خاتمة :
وبعد : فالواجب على المسلم أن يحذر الشرك صغيره وكبيره ، فإن
أعظم معصية عصي الله بها هي الشرك به ، والتعدي على خالص حقه ؛ وهو عبادته وطاعته
وحده لا شريك له .
ولذا فقد أوجب الخلود في النار للمشركين وأخبر أنه لا يغفر لهم ،
وحرَّم الجنة عليهم كما قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ
بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ
افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء / 48
وقال جل شأنه ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ
اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
أَنْصَارٍ ) المائدة / 72 .
فوجب على كل ذي عقل ودين أن يخشى على نفسه من الشرك وأن يلوذ
بربه طالباً منه أن ينجيه من الشرك ؛ كما قال الخليل عليه السلام : ( وَاجْنُبْنِي
وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) إبراهيم / 35 ، قال
بعض السلف : " ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم "
فلا يسع العبد الصادق إلا أن يَعظُم خوفه من الشرك ، وأن تشتد
رغبته إلى ربه في أن ينجيه منه ، داعياً بالدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله
عليه وسلم لأصحابه حين قال لهم : " الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، وسأدلك على شيء
إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول : " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك
وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم " . صححه الألباني في صحيح الجامع (
3731 ) .
ما سبق هو الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الحقيقة ،
وتعريف كل قسم وبيان أنواعه .
(1/3501)
وأما الفرق بينهما من حيث الحكم :
فهو أن الشرك الأكبر مخرج من الإسلام ، فيُحكم على فاعله بالخروج
من الإسلام والارتداد عنه فيكون كافراً مرتداً .
وأما الشرك الأصغر فلا يخرج من الإسلام ، بل قد يقع من المسلم
ويبقى على إسلامه ، غير أن فاعله على خطر عظيم ، لأن الشرك الأصغر كبيرة من كبائر
الذنوب حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن
أحلف بغيره صادقاً ) فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله ( وهو شرك أصغر ) أقبح من
الحلف بالله كاذباً ومعلوم أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر .
نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه حتى نلقاه ، ونعوذ بعزته –
سبحانه - أن يضلنا ؛ فهو الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون . والله أعلم وأحكم
، وإليه المرجع والمآب .
*****
34817
ما هي حقيقة الشرك ، وما هي أقسامه؟
العقيدة > الشرك وأنواعه >
(1/3502)
سؤال رقم 34817- ما هي حقيقة الشرك ، وما هي أقسامه؟
أقرأ كثيراً : (هذا الفعل شرك أكبر ، وهذا شرك أصغر ) فهل توضح لي حقيقة الفرق بينهما ؟.
الحمد لله
إن من الواجبات المحتمات ، ومن أهم المهمات ؛ أن يعرف العبد معنى
الشرك وخطره وأقسامه حتى يتم توحيده ، ويسلم إسلامه ، ويصح إيمانه . فنقول وبالله
التوفيق ومنه السداد :
اعلم ـ وفقك الله لهداه ـ أن الشرك في اللغة هو : اتخاذ الشريك
يعني أن يُجعل واحداً شريكاً لآخر . يقال : أشرك بينهما إذا جعلهما اثنين ، أو أشرك
في أمره غيره إذا جعل ذلك الأمر لاثنين .
وأما في الشرع فهو : اتخاذ الشريك أو الند مع الله جل وعلا في
الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات .
والند هو : النظير والمثيل . ولذا نهى الله تعالى عن اتخاذ
الأنداد وذم الذين يتخذونها من دون الله في آيات كثيرة من القرآن فقال تعالى : (
فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة / 22 .
وقال جل شأنه : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا
عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) إبراهيم / 30 .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وهو يدعو
من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري (4497) ومسلم (92)
أقسام الشرك :
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الشرك والتنديد تارة يكون
مخرجاً من الملة ، وتارة لا يكون مخرجاً من الملة ، ولذا اصطلح العلماء على تقسيمه
إلى قسمين : ( شرك أكبر ، وشرك أصغر ) وإليك تعريفاً موجزاً بكل قسم :
أولاً : الشرك الأكبر :
وهو أن يصرف لغير اللهِ ما هو محض حق الله من ربوبيته وألوهيته
وأسمائه وصفاته .
وهذا الشرك تارة يكون ظاهراً : كشرك عبَّاد الأوثان والأصنام
وعبَّاد القبور والأموات والغائبين .
وتارة يكون خفياً : كشرك المتوكلين على غير الله من الآلهة
المختلفة ، أو كشرك وكفر المنافقين ؛ فإنهم وإن كان شركهم أكبر يخرج من الملة ويخلد
صاحبه في النار ؛ إلا أنه شرك خفي ، لأنهم يظهرون الإسلام ويخفون الكفر والشرك فهم
مشركون في الباطن دون الظاهر .
كما أن هذا الشرك تارة يكون في الاعتقادات :
كاعتقاد أن هناك من يخلق أو يحي أو يميت أو يملك أو يتصرف في هذا
الكون مع الله تعالى.
أو اعتقاد أن هناك من يطاع طاعة مطلقة مع الله ، فيطيعونه في
تحليل ما شاء وتحريم ما شاء ولو كان ذلك مخالفا لدين الرسل .
أو الشرك بالله في المحبة والتعظيم ، بأن يُحب مخلوقا كما يحب
الله ، فهذا من الشرك الذي لا يغفره الله ، وهو الشرك الذي قال الله فيه : ( ومن
الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) البقرة / 165 .
أو اعتقاد أن هناك من يعلم الغيب مع الله ، وهذا يكثر لدى بعض
الفرق المنحرفة كالرافضة وغلاة الصوفية والباطنية عموما ، حيث يعتقد الرافضة في
أئمتهم أنهم يعلمون الغيب ، وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك .
وكاعتقاد أن هناك من يرحم الرحمة التي تليق بالله عزَّ وجل ، فيرحم مثله وذلك بأن
يغفر الذنوب ويعفو عن عباده ويتجاوز عن السيئات .
وتارة يكون في الأقوال :
كمن دعا أو استغاث أو استعان أو استعاذ بغير الله فيما لا يقدر
عليه إلا الله عز وجل ؛ سواء كان هذا الغير نبيا أو وليا أو مَلَكا أو جِنِّياًّ ،
أو غير ذلك من المخلوقات ، فإن هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة .
وكمن استهزأ بالدين أو مثل اللهَ بخلقه ، أو أثبت مع الله خالقاً
أورازقاً أو مدبراً ، فهذا كله من الشرك الأكبر والذنب العظيم الذي لا يغفر .
وتارة يكون في الأفعال :
كمن يذبح أو يصلي أو يسجد لغير الله ، أو يسن القوانين التي
تضاهي حكم الله ويشرعها للناس ، ويلزمهم بالتحاكم إليها ، وكمن ظاهر الكافرين
وناصرهم على المؤمنين ، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي أصل الإيمان ، وتخرج فاعلها
من ملة الإسلام . نسأل الله عفوه وعافيته .
ثانياً : الشرك الأصغر :
وهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر ، أو ورد في النصوص أنه
شرك ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر .
وهذا يكون في الغالب من جهتين :
الأولى : من جهة التعلق ببعض الأسباب التي لم يأذن الله جل وعلا
بها ، كتعليق الكَفِّ والخرز ونحو ذلك على أنها سبب للحفظ أو أنها تدفع العين والله
تعالى لم يجعلها سبباً لذلك لا شرعاً ولا قدراً .
الثانية : من جهة تعظيم بعض الأشياء التعظيم الذي لا يوصلها إلى
مقام الربوبية ، كالحلف بغير الله ، وكقول : لولا الله وفلان ، وأشباه ذلك.
وقد وضع العلماء ضوابط وقواعد يتميز بها الشرك الأكبر عن الأصغر
عند وروده في النصوص الشرعية فمن هذه الضوابط ما يلي :
1- أن ينص النبي صلى الله عليه وسلم صراحة على أن هذا الفعل من
الشرك الأصغر : كما في المسند ( 27742 ) عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ
عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا الشِّرْكُ
الأَصْغَرُ؟ قَالَ :الرِّيَاء . إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ
تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ
تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ
جَزَاءً " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (951 )
2- أن يرد لفظ الشرك في نصوص الكتاب والسنة منكَّراً ـ أي غير
مقترن بالألف واللام ـ فهذا في الغالب يقصد به الشرك الأصغر وله أمثلة كثيرة كقوله
صلى الله عليه وسلم " إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك "
أخرجه أبو داود ( 3883 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 331 )
فالمقصود بالشرك هنا الأصغر دون الأكبر .
والتمائم شيء يعلق على الأولاد كالخرز ونحوه يزعمون أن ذلك يحفظه
من العين .
والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها ، والرجل
إلى امرأته .
3- أن يفهم الصحابة من النصوص الشرعية أن المراد بالشرك في هذا
الموضع هو الأصغر دون الأكبر ، ولا شك أن فهم الصحابة معتبر ، فهم أعلم الناس بدين
الله عز وجل ، وأدراهم بمقصود الشارع . ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو داود (3910 ) عن
ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ
الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا ، وَمَا مِنَّا إِلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ
بِالتَّوَكُّل" فجملة ( وما منا إلا .. ) هذه من كلام ابن مسعود كما بين ذلك جهابذة
المحدثين فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه فهم أن هذا من الشرك الأصغر ،
لأنه لا يمكن أن يقصد وما منا إلا ويقع في الشرك الأكبر ، كما أن الشرك الأكبر لا
يذهبه الله بالتوكل بل لابد من التوبة .
4- أن يفسر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الشرك أو الكفر بما يدل
على أن المقصود به الأصغر وليس الأكبر كما روى البخاري ( 1038 ) ومسلم (71 ) عَنْ
زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى
إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : "هَلْ تَدْرُونَ
مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : "
أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا
بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ
بِالْكَوْكَبِ "
فالكفر هنا جاء تفسيره في الرواية الأخرى عن أبي هريرة قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا
قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالَ : "مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا
أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ الْكَوَاكِبُ
وَبِالْكَوَاكِبِ " فبين هنا أن من نسب إنزال المطر إلى الكواكب باعتبارها سبباً
لنزوله ـ والواقع أن الله لم يجعلها سبباً لذلك ـ فكفره كفرٌ بنعمة الله عليه ،
ومعلوم أن كفر النعمة كفر أصغر أما من اعتقد أن الكواكب هي التي تتصرف في الكون
وأنها هي التي تنزل المطر فهذا شرك أكبر .
والشرك الأصغر تارة يكون ظاهراً كلبس الحلقة والخيط والتمائم
ونحو ذلك من الأعمال والأقوال.
وتارة يكون خفياً كيسير الرياء .
كما أنه تارة يكون بالاعتقادات :
كأن يعتقد في شيء أنه سبب لجلب النفع ودفع الضر ولم يجعله الله
سبباً لذلك . أو يعتقد في شيء البركة ، والله لم يجعل فيه ذلك .
وتارة يكون بالأقوال :
كمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا ؛ دون أن يعتقد أن النجوم هي التي
تستقل بإنزال المطر ، أو حلف بغير الله دون أن يعتقد تعظيم المحلوف به ومساواته لله
، أو قال ما شاء الله وشئت . ونحو ذلك .
وتارة يكون بالأفعال :
كمن يعلِّق التمائم أو يلبس حلقة أو خيطا ونحوهما لرفع البلاء أو
دفعه، لأن كل من أثبت سبباً لشيء والله لم يجعله سببا له شرعا ولا قدراً، فقد أشرك
بالله . وكذلك من يتمسح بشيء رجاء بركته ولم يجعل الله فيه البركة ، كتقبيل أبواب
المساجد ، والتمسح بأعتابها ، والاستشفاء بتربتها ، ونحو ذلك من الأفعال .
هذه نبذة مختصرة عن تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتفصيلات ذلك
لا يمكن استيعابها في هذه الإجابة المختصرة .
خاتمة :
وبعد : فالواجب على المسلم أن يحذر الشرك صغيره وكبيره ، فإن
أعظم معصية عصي الله بها هي الشرك به ، والتعدي على خالص حقه ؛ وهو عبادته وطاعته
وحده لا شريك له .
ولذا فقد أوجب الخلود في النار للمشركين وأخبر أنه لا يغفر لهم ،
وحرَّم الجنة عليهم كما قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ
بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ
افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء / 48
وقال جل شأنه ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ
اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
أَنْصَارٍ ) المائدة / 72 .
فوجب على كل ذي عقل ودين أن يخشى على نفسه من الشرك وأن يلوذ
بربه طالباً منه أن ينجيه من الشرك ؛ كما قال الخليل عليه السلام : ( وَاجْنُبْنِي
وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) إبراهيم / 35 ، قال
بعض السلف : " ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم "
فلا يسع العبد الصادق إلا أن يَعظُم خوفه من الشرك ، وأن تشتد
رغبته إلى ربه في أن ينجيه منه ، داعياً بالدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله
عليه وسلم لأصحابه حين قال لهم : " الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، وسأدلك على شيء
إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول : " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك
وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم " . صححه الألباني في صحيح الجامع (
3731 ) .
ما سبق هو الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الحقيقة ،
وتعريف كل قسم وبيان أنواعه .
(1/3503)
وأما الفرق بينهما من حيث الحكم :
فهو أن الشرك الأكبر مخرج من الإسلام ، فيُحكم على فاعله بالخروج
من الإسلام والارتداد عنه فيكون كافراً مرتداً .
وأما الشرك الأصغر فلا يخرج من الإسلام ، بل قد يقع من المسلم
ويبقى على إسلامه ، غير أن فاعله على خطر عظيم ، لأن الشرك الأصغر كبيرة من كبائر
الذنوب حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن
أحلف بغيره صادقاً ) فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله ( وهو شرك أصغر ) أقبح من
الحلف بالله كاذباً ومعلوم أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر .
نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه حتى نلقاه ، ونعوذ بعزته –
سبحانه - أن يضلنا ؛ فهو الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون . والله أعلم وأحكم
، وإليه المرجع والمآب .
*****
3482
إذن الوالدين لحج التطوع والفريضة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >
الآداب > بر الوالدين >
(1/3504)
سؤال رقم 3482- إذن الوالدين لحج التطوع والفريضة
هل له الحج بغير إذن والديه ، ويصح حجه ، والخروج في طلب العلم ، وهل يأثمان
بمنعه ؟
لهما منعه من حج التطوع ، ولا يأثمان بذلكم ، وليس لهما منعه من الحج المفروض ، ويأثمان بمنعه ، ومتى حج بغير إذنهما صح حجه مطلقاً - وإن كان عاصياً في التطوع - وله السفر في طلب العلم بغير إذنهما .
من كتاب فتاوى الإمام النووي ص 94
*****
34829
كيف يعرف العبد أن ربه راض عنه ؟
الأخلاق > الأخلاق المحمودة >
(1/3505)
سؤال رقم 34829- كيف يعرف العبد أن ربه راض عنه ؟
هل من شيءٍ يدل العبد أن ربه راضٍ عنه ؟.
الحمد لله
من علامة رضا الرب عن عبده : أن يوفقه لفعل الخيرات ، واجتناب
المحرمات ، ومصداق هذا قول الله عز وجل : { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم
} ، وقوله تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } .
أما إذا خُذل العبد عن فعل الطاعات واجتناب المحرمات - والعياذ
بالله - فإن ذلك دليل على عدم رضا الله عن العبد .
وقد بيَّن الله في كتابه أيضاً أن علامة رضا الله عن العبد
وعلامة هدايته أن يشرح صدره للهدى والإيمان الصحيح ، وعلامة الضلال والبعد عن
الصراط المستقيم الضيق والحرج في الصدر قال الله تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه
يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيِّقاً حرجاً كأنما يصعَّد في السماء
كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون } الأنعام / 125 .
قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه ...
} قال : " يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به " .
تفسير ابن كثير ( 2 / 175 ) .
وأيضاً من علامة محبة الله للعبد ورضاه عنه أن يحببه إلى عباده
روى البخاري ( 3209 ) ومسلم ( 2637 ) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: إذا أحب الله العبد نادى جبريل أن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل فينادي
جبريل في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول
في الأرض .
قال النووي :
( ثم يوضع له القبول في الأرض )
أي : الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه ، فتميل إليه القلوب وترضى
عنه ، وقد جاء في رواية ( فتوضع له المحبة ) . اهـ
والله أعلم .
*****
34830
حكم الجهاد بالنفس
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >
(1/3506)
سؤال رقم 34830- حكم الجهاد بالنفس
هل الواجب على كل مسلم أن يخرج للجهاد ؟ أم أن الجهاد مستحب وليس بواجب ؟.
الحمد لله
الجهاد بالنفس هو ذروة سنام الإسلام ، وعده بعض العلماء الركن
السادس من أركان الإسلام .
وقد تقاعس المسلمون عن الجهاد منذ أزمان متطاولة ، فاستحقوا أن
يعاقبهم الله تعالى بالذلّ والصغار المضروب عليهم ، ولن يرفع ذلك الذل والصغار عنهم
حتى يرجعوا إلى دينهم ، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا
تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ
بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا
يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . رواه أبو داود (2956)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ومن عجائب الأمور أننا أصبحنا في زمن نرى فيه أناساً من المسلمين
، يستحون أن يذكروا آيات الجهاد وأحاديثه أمام أصدقائهم من الكفار!! وتحمّر وجوههم
خجلاً من ذكر أحكام الجزية والاسترقاق وقتل الأسرى . . . وودوا لو محوا تلك الآيات
والأحاديث من القرآن والسنة حتى لا ينتقدهم العالم المتخلف في مبادئه ، الذي يزعمون
أنه متحضر !! وإذا لم يستطيعوا محوها ، عمدوا إلى تأويلها وتحريفها ولي أعناقها حتى
توافق أهواء ساداتهم. ولا أقول حتى توافق أهواءهم ، "فإنهم أضعف من أن تكون لهم
أهواء ، وأشد جهلاً ، بل أهواء سادتهم ومعلميهم من المبشرين والمستعمرين أعداء
الإسلام" . عمدة التفسير (1/46) .
ونتيجة لذلك لا تكاد تسمع اليوم إلا رنين العبارات الآتية :
السلام العالمي . . التعايش السلمي . . الحدود الآمنة . . النظام الدولي الجديد . .
ويلات الحروب .
وصار من يعلن اليوم آيات الجهاد وأحاديثه متهما بشتى الاتهامات .
فهم . . إرهابيون . . متطرفون . . أعداء السلام . . مصاصون للدماء . . يريدون
القضاء على حضارة القرن العشرين .
هذا هو الواقع التعيس الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم . وذلك
بسبب تقاعسنا عن نصرة ديننا ، والقيام بما أوجب الله علينا .
وقد أوجب الله تعالى علينا نصر دينه ، وإظهار حجته ، وجهاد
أعدائه .
فما أكثر الآيات الآمرة بجهاد المشركين وقتالهم حتى يكون الدين
كله لله ، والمصرحة بوجوبه وكتابته وفرضيته ، قال الله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ
الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ
لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) البقرة /216 .
حكم الجهاد
وقد ذكر العلماء رحمهم الله حكم الجهاد ، فذكروا أن الجهاد نوعان
:
1- جهاد الطلب والابتداء
وهو تطلب الكفار في عقر دارهم ودعوتهم إلى الإسلام وقتالهم إذا
لم يقبلوا الخضوع لحكم الإسلام .
وهذا النوع فرض كفاية على المسلمين ، قال الله تعالى : (
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ
فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) الأنفال /39 . وقال تعالى : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ
وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التوبة /5 .
وقال تعالى : ( وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) التوبة /36 . وقال تعالى : ( انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) التوبة /41 .
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا
أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا
الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي
دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
) . رواه البخاري (24) ومسلم (29) .
وروى مسلم (3533) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ
نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ ) .
فكل هذه النصوص - وغيرها كثير في الكتاب والسنة - تفرض على
المسلمين جهاد الكفار ابتداءً . وقد أجمع العلماء على أن جهاد الكفار ، وتطلبهم في
عقر دارهم ، ودعوتهم إلى الإسلام ، وجهادهم إذا لم يقبلوه أو يقبلوا الجزية ، فريضة
محكمة غير منسوخة .
قال شيخ الإسلام (28/349) :
فكل من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله
الذي بعثه به فلم يستجب له فإنه يجب قتاله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
اهـ .
وقال ابن عطية (2/43) : واستمر الإجماع على أن الجهاد على أمة
محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض كفاية ، فإذا قام به من قام من
المسلمين يسقط عن الباقين اهـ .
2-جهاد الدفاع :
فإذا نزل الكفار ببلاد المسلمين واستولوا عليها ، أو تجهزوا
لقتال المسلمين فإنه يجب على المسلمين قتالهم حتى يندفع شرهم ، ويُرد كيدُهم .
وجهاد الدفاع فرض عين على المسلمين بإجماع العلماء .
قال القرطبي رحمه الله في "تفسيره : (8/15) :
"إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار ، أو بحلوله
بالعقر فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ، ويخرجوا إليه خفافا
وثقالا ، شبابا وشيوخا ، كلٌّ على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ، ومن لا أب
له . ولا يتخلف أحدٌ يقدر على الخروج من مقاتل أو مُكَثِّر ، فإن عجز أهل تلك
البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا ، على حسب ما لزم أهل
تلك البلدة ، حتى يعلموا أن فيهم طاقةً على القيام بهم ومدافعتهم ، وكذلك كل من علم
بضعفهم عن عدوهم ، وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضا الخروج إليهم ،
فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل بها
العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عن الآخرين . ولو قارب العدوُ دارَ الإسلام ولم
يدخلوها لزمهم أيضاً الخروجُ إليه حتى يظهر دين الله ، وتحمى البيضة ، وتحفظ الحوزة
، ويُخزى العدو ، ولا خلاف في هذا" اهـ .
وقال شيخ الإسلام (28/358-359) :
فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا
على المقصودين كلِّهم ، وعلى غير المقصودين لإعانتهم ، كما قال الله تعالى : (
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ) الأنفال /72 . وكما أمر
النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم . . وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه
وماله . . كما كان المسلمون لما قصدهم العدو عام الخندق لم يأذن الله في تركه لأحد
. . بل ذم الذين يستأذنون النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا
فرارا . فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس وهو قتال اضطرار اهـ
هذا حكم الجهاد بالنفس في الإسلام ، جهاد طلب لدعوة الكفار إلى
الدخول في هذا الدين ، وإخضاعهم لحكم الإسلام أذلة صاغرين ، وجهاد دفاع عن دين
المسلمين وحرماتهم .
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداًّ جميلاً .
والله أعلم .
*****
34830
حكم الجهاد بالنفس
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >
(1/3507)
سؤال رقم 34830- حكم الجهاد بالنفس
هل الواجب على كل مسلم أن يخرج للجهاد ؟ أم أن الجهاد مستحب وليس بواجب ؟.
الحمد لله
الجهاد بالنفس هو ذروة سنام الإسلام ، وعده بعض العلماء الركن
السادس من أركان الإسلام .
وقد تقاعس المسلمون عن الجهاد منذ أزمان متطاولة ، فاستحقوا أن
يعاقبهم الله تعالى بالذلّ والصغار المضروب عليهم ، ولن يرفع ذلك الذل والصغار عنهم
حتى يرجعوا إلى دينهم ، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا
تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ
بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا
يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . رواه أبو داود (2956)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ومن عجائب الأمور أننا أصبحنا في زمن نرى فيه أناساً من المسلمين
، يستحون أن يذكروا آيات الجهاد وأحاديثه أمام أصدقائهم من الكفار!! وتحمّر وجوههم
خجلاً من ذكر أحكام الجزية والاسترقاق وقتل الأسرى . . . وودوا لو محوا تلك الآيات
والأحاديث من القرآن والسنة حتى لا ينتقدهم العالم المتخلف في مبادئه ، الذي يزعمون
أنه متحضر !! وإذا لم يستطيعوا محوها ، عمدوا إلى تأويلها وتحريفها ولي أعناقها حتى
توافق أهواء ساداتهم. ولا أقول حتى توافق أهواءهم ، "فإنهم أضعف من أن تكون لهم
أهواء ، وأشد جهلاً ، بل أهواء سادتهم ومعلميهم من المبشرين والمستعمرين أعداء
الإسلام" . عمدة التفسير (1/46) .
ونتيجة لذلك لا تكاد تسمع اليوم إلا رنين العبارات الآتية :
السلام العالمي . . التعايش السلمي . . الحدود الآمنة . . النظام الدولي الجديد . .
ويلات الحروب .
وصار من يعلن اليوم آيات الجهاد وأحاديثه متهما بشتى الاتهامات .
فهم . . إرهابيون . . متطرفون . . أعداء السلام . . مصاصون للدماء . . يريدون
القضاء على حضارة القرن العشرين .
هذا هو الواقع التعيس الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم . وذلك
بسبب تقاعسنا عن نصرة ديننا ، والقيام بما أوجب الله علينا .
وقد أوجب الله تعالى علينا نصر دينه ، وإظهار حجته ، وجهاد
أعدائه .
فما أكثر الآيات الآمرة بجهاد المشركين وقتالهم حتى يكون الدين
كله لله ، والمصرحة بوجوبه وكتابته وفرضيته ، قال الله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ
الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ
لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) البقرة /216 .
حكم الجهاد
وقد ذكر العلماء رحمهم الله حكم الجهاد ، فذكروا أن الجهاد نوعان
:
1- جهاد الطلب والابتداء
وهو تطلب الكفار في عقر دارهم ودعوتهم إلى الإسلام وقتالهم إذا
لم يقبلوا الخضوع لحكم الإسلام .
وهذا النوع فرض كفاية على المسلمين ، قال الله تعالى : (
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ
فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) الأنفال /39 . وقال تعالى : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ
وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التوبة /5 .
وقال تعالى : ( وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) التوبة /36 . وقال تعالى : ( انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) التوبة /41 .
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا
أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا
الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي
دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
) . رواه البخاري (24) ومسلم (29) .
وروى مسلم (3533) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ
نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ ) .
فكل هذه النصوص - وغيرها كثير في الكتاب والسنة - تفرض على
المسلمين جهاد الكفار ابتداءً . وقد أجمع العلماء على أن جهاد الكفار ، وتطلبهم في
عقر دارهم ، ودعوتهم إلى الإسلام ، وجهادهم إذا لم يقبلوه أو يقبلوا الجزية ، فريضة
محكمة غير منسوخة .
قال شيخ الإسلام (28/349) :
فكل من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله
الذي بعثه به فلم يستجب له فإنه يجب قتاله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
اهـ .
وقال ابن عطية (2/43) : واستمر الإجماع على أن الجهاد على أمة
محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض كفاية ، فإذا قام به من قام من
المسلمين يسقط عن الباقين اهـ .
2-جهاد الدفاع :
فإذا نزل الكفار ببلاد المسلمين واستولوا عليها ، أو تجهزوا
لقتال المسلمين فإنه يجب على المسلمين قتالهم حتى يندفع شرهم ، ويُرد كيدُهم .
وجهاد الدفاع فرض عين على المسلمين بإجماع العلماء .
قال القرطبي رحمه الله في "تفسيره : (8/15) :
"إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار ، أو بحلوله
بالعقر فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ، ويخرجوا إليه خفافا
وثقالا ، شبابا وشيوخا ، كلٌّ على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ، ومن لا أب
له . ولا يتخلف أحدٌ يقدر على الخروج من مقاتل أو مُكَثِّر ، فإن عجز أهل تلك
البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا ، على حسب ما لزم أهل
تلك البلدة ، حتى يعلموا أن فيهم طاقةً على القيام بهم ومدافعتهم ، وكذلك كل من علم
بضعفهم عن عدوهم ، وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضا الخروج إليهم ،
فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل بها
العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عن الآخرين . ولو قارب العدوُ دارَ الإسلام ولم
يدخلوها لزمهم أيضاً الخروجُ إليه حتى يظهر دين الله ، وتحمى البيضة ، وتحفظ الحوزة
، ويُخزى العدو ، ولا خلاف في هذا" اهـ .
وقال شيخ الإسلام (28/358-359) :
فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا
على المقصودين كلِّهم ، وعلى غير المقصودين لإعانتهم ، كما قال الله تعالى : (
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ) الأنفال /72 . وكما أمر
النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم . . وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه
وماله . . كما كان المسلمون لما قصدهم العدو عام الخندق لم يأذن الله في تركه لأحد
. . بل ذم الذين يستأذنون النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا
فرارا . فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس وهو قتال اضطرار اهـ
هذا حكم الجهاد بالنفس في الإسلام ، جهاد طلب لدعوة الكفار إلى
الدخول في هذا الدين ، وإخضاعهم لحكم الإسلام أذلة صاغرين ، وجهاد دفاع عن دين
المسلمين وحرماتهم .
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداًّ جميلاً .
والله أعلم .
*****
34839
تحريم صناعة التماثيل
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >
(1/3508)
سؤال رقم 34839- تحريم صناعة التماثيل
ما موقف الإسلام من إقامة التماثيل لشتى الأغراض ؟.
الحمد لله
" إقامة التماثيل لأي غرض من الأغراض محرمة سواء كان ذلك لتخليد
ذكرى الملوك وقادة الجيوش والوجهاء والمصلحين أم كان رمزا للعقل والشجاعة كتمثال
أبي الهول أم لغير ذلك من الأغراض ؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في المنع من
ذلك ؛ ولأنه ذريعة إلى الشرك كما جرى لقوم نوح "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/478) .
*****
34839
تحريم صناعة التماثيل
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >
(1/3509)
سؤال رقم 34839- تحريم صناعة التماثيل
ما موقف الإسلام من إقامة التماثيل لشتى الأغراض ؟.
الحمد لله
" إقامة التماثيل لأي غرض من الأغراض محرمة سواء كان ذلك لتخليد
ذكرى الملوك وقادة الجيوش والوجهاء والمصلحين أم كان رمزا للعقل والشجاعة كتمثال
أبي الهول أم لغير ذلك من الأغراض ؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في المنع من
ذلك ؛ ولأنه ذريعة إلى الشرك كما جرى لقوم نوح "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/478) .
*****
34841
المحادثة بين الرجال والنساء عبر برامج المحادثة ( الشات )
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >
(1/3510)
سؤال رقم 34841- المحادثة بين الرجال والنساء عبر برامج المحادثة ( الشات )
أنا فتاة مسلمة وأقوم بالدخول على "البالتوك" ثم إلى الغرف الإسلامية حتى أحصِّلَ شيئا من العلم الشرعي . وعندما أكون في تلك الغرف ، يحدث أحيانا أن يطلب أحد المسلمين (وهو يبحث عن زوجة) أن نتحادث شخصيا (عن طريق التشات) ليتعرف كل منا على الآخر . وقد طرح علي بعض الأسئلة وهي من قبيل : أين أقيم ، وعمري ، وما إذا كنت متزوجة (بالمناسبة فأنا غير متزوجة) ، وما إذا كنت أعتزم الزواج ، وما إذا كنت أقيم مع أهلي ، وما إلى ذلك .
ومشكلتي هي أني لا أعرف إن كان يجوز لي شرعا أن أقدم مثل تلك المعلومات المتعلقة بي لمسلم من غير محارمي . هل التحدث كتابة مع شاب يعد معصية حقاً ؟؟.
الحمد لله
لا حرج على المرأة المسلمة في الاستفادة من الإنترنت ، ودخول موقع " البالتوك " لهذا الغرض ، ما لم يؤد ذلك إلى محذور شرعي ، كالمحادثة
الخاصة مع الرجال ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ،
ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك ، والشيطان يخيل
للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب المفسد لأمور الدنيا والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول ، ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية ، ولا شك أن هذه
المحادثات الخاصة لا تعتبر خلوة لأمن الإنسان من إطلاع الآخر عليه ، غير أنها من أعظم أسباب الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .
وما جرى معك خير شاهد على صحة ما ذكرنا ، فإن هذه الأسئلة الخاصة ، يصعب على الرجل أن يوجهها إلى فتاة مؤمنة إلا عبر هذه الوسائل التي
أُسيء استخدامها .
فاتق الله تعالى ، وامتنعي عن محادثة الرجال الأجانب ، فذلك هو الأسلم لدينك ، والأطهر لقلبك ، واعلمي أن الزواج بالرجل الصالح منة ونعمة
من الله تعالى ، وما كانت النعم لتنال بالمعصية .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
( لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان
حتى يغريه بها ، ويغريها به. وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى
يفتنه.
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام ) انتهى ، ن قلا
عن : فتاوى المرأة ، جمع محمد المسند ، ص 96
ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد ، وفي كل شر .
والله أعلم .
*****
34842
حكم النصب التذكاري للجندي المجهول
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >
(1/3511)
سؤال رقم 34842- حكم النصب التذكاري للجندي المجهول
ما حكم ما يعرف الآن باسم النصب التذكاري للجندي المجهول ؟.
الحمد لله
" إقامة الأنصاب لمعروفين من الوجهاء أو من لهم شأن في بناء
الدولة علميا أو اقتصاديا أو سياسيا وإقامة نصب لما يسمى بـ "الجندي المجهول" هو من
أعمال الجاهلية ، وضرب من الغلو فيه ، ولذلك نجدهم يقيمون حفلات الذكرى حول هذه
الأنصاب عند المناسبات ويضعون عليه الزهور تكريما لها ، وهذا شبيه بالوثنية الأولى
، وذريعة إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله .
فيجب القضاء على هذه التقاليد محافظة على عقيدة التوحيد ومنعا
للإسراف دون جدوى وبعدا عن مجاراة الكفار ومشابهتهم في عاداتهم وتقاليدهم التي لا
خير فيها ، بل تفضي إلى شر مستطير "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) .
*****
3485
الدعاء للوالدين غير المتيقن إسلامهما
العقيدة > الولاء والبراء >
(1/3512)
سؤال رقم 3485- الدعاء للوالدين غير المتيقن إسلامهما
إنسان أسلم ، وكان أبواه كافرين ، وسبي وهو صغير ، ومات الأبوان وما يعلم هل أسلما أم لا ؟ ويغلب على ظنه إسلام أمه دون إسلام الأب ، هل له الاستغفار والدعاء لهما بالرحمة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز أن يدعو لهما بأعيانهما ، لأن الأصل بقاؤهما على الكفر ، والدعاء للكافر حرام .
قال الله تعالى : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) سورة التوبة /113 .
لكن يستحب أن يدعو بالمغفرة والرحمة لكل مسلم من والدِيه كلهم ، فيدخل فيه من أسلم من أبيه وأمه ، وأجداده ، وجداته إلى آدم وحواء عليهما السلام ، والله أعلم .
من كتاب فتاوى الإمام النووي ص 84
*****
34851
حكم قيام الطلبة للمدرس
الآداب > آداب الضيافة >
(1/3513)
سؤال رقم 34851- حكم قيام الطلبة للمدرس
جرت العادة أن المدرس إذا دخل على الطلبة الفصل يقوم له الطلبة على وجه التحية . ويأمرهم المدرس بذلك ، وبعض المدرسين يعاقب الطالب الذي لا يقوم له ، ويعتبر ذلك نوعاً من سوء الأدب . فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
سبق بيان حكم القيام للداخل في السؤال رقم ( 34497 )
. وهذا الحكم يشمل قيام الطالب للمدرس .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
"بلغني أن كثيراً من المدرسين يأمرون الطلبة بالقيام لهم إذا
دخلوا عليهم الفصل ولا شك أن هذا مخالف للسنة الصحيحة .
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحب أن
يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود
والترمذي عن معاوية رضي الله عنه بإسناد صحيح . وروى الإمام أحمد والترمذي بإسناد
صحيح عن أنس رضي الله عنه قال : ( لم يكن شخص أحب إليهم ـ يعني الصحابة رضوان الله
عليهم ـ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا لا يقومون له إذا دخل عليهم لما
يعلمون من كراهيته لذلك ) .
فالسنة ، عدم القيام للمدرسين إذا دخلوا على الطلبة في الفصول
عملاً بهذين الحدثين الشريفين . وما جاء في معناهما .
ولا يجوز للمدرس أن يأمرهم بالقيام لما في حديث معاوية من الوعيد
في ذلك ، ويكره للطلبة أن يقوموا عملاً بحديث أنس المذكور ، ولا يخفى أن الخير كله
في اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به وأصحابه رضي الله عنهم ، جعلنا
الله وإياكم من أتباعهم بإحسان ، ووفقنا للفقه في دينه ، والثبات عليه" اهـ .
"مجلة البحوث الإسلامية" (26/347) .
*****
34852
شرح حديث : ( لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ ) .
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
(1/3514)
سؤال رقم 34852- شرح حديث - ( لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ ) .
أريد أن أعرف شرح هذا الحديث : ( لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) .
الحمد لله
هذا الحديث رواه مسلم (438) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي أَصْحَابِهِ
تَأَخُّرًا ، فَقَالَ لَهُمْ : ( تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ
مَنْ بَعْدَكُمْ ، لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ
) .
ومعنى الحديث :
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجد بعض أصحابه
متأخرين عن الصف الأول ، فأمرهم بالتقدم إلى الصف الأول ليقتدوا به صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وليقتدي بهم من بعدهم ، ممن يصلي في الصفوف المتأخرة الذين لا
يرون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ويحتمل أن المعني : يقتدي بهم من بعدهم من الأمة ، لأنهم ينقلون
إليهم صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي رأوها . قاله السندي
رحمه الله .
ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ولا يَزَالُ
قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ ) .
أي : لا يزال قوم يعتادون التأخر عن الصف الأول ، أو عن الصفوف
الأولى حتى يعاقبهم الله تعالى فيؤخرهم .
قيل معناه : يؤخرهم عن رحمته أو جنته ، أو عظيم فضله ، أو عن رفع
المنزلة ، أو عن العلم .
ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني .
قال الشيخ ابن عثيمين في معنى الحديث :
رأى النبي صلى الله عليه وسلم قوماً يتأخرون في المسجد يعني : لا
يتقدمون إلى الصفوف الأولى فقال : ( لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) . وعلى
هذا فيخشى على الإنسان إذا عود نفسه التأخر في العبادة أن يبتلى بأن يؤخره الله عز
وجل في جميع مواطن الخير اهـ .
باختصار من فتاوى ابن عثيمين (13/54).
وذهب بعض العلماء إلى أن المقصود بهذا جماعة من المنافقين ،
والصحيح أن الحديث عام وليس خاصا بالمنافقين .
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" :
قيل : إن هذا في المنافقين . والظاهر أنه عام لهم ولغيرهم . وفيه
الحث على الكون في الصف الأول ، والتنفير عن التأخر عنه اهـ .
والحاصل أن الحديث فيه الترغيب في صلاة الرجل في الصف الأول أو
الصفوف الأولى ، وذم اعتياده الصلاة في الصفوف المتأخرة .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للمسارعة إلى الخيرات والمسابقة إليها
.
والله تعالى أعلم .
*****
34854
هل يوصف الله تعالى بالنسيان
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >
(1/3515)
سؤال رقم 34854- هل يوصف الله تعالى بالنسيان
هل يوصف الله تعالى بالنسيان ؟.
الحمد لله
" للنسيان معنيان :
أحدهما : الذهول عن شيء معلوم مثل قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا
تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286 . ومثل قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ
نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طه/115 . على أحد القولين .
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ،
فإذا نسيت فذكروني ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها
فليصلها إذا ذكرها ) . وهذا المعنى للنسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعي ،
والعقلي .
أما السمعي : فقوله تعالى عن موسى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ
رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) طه /52 .
وأما العقلي : فإن النسيان نقص ، والله تعالى منزه عن النقص ،
موصوف بالكمال ، كما قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النحل /60 . وعلى هذا فلا يجوز وصف
الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال .
والمعنى الثاني للنسيان : الترك عن علم وعمد ، مثل قوله تعالى: (
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء ) الأنعام /44 . ومثل قوله تعالى: ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى
آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طه /115 . على القول الثاني في تفسيرها . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في
أقسام أهل الخيل : ( ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ، ولم ينس حق الله في رقابها
وظهورها فهي له كذلك ستر ) . وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل قال
الله تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا
نَسِينَاكُمْ ) السجدة /14 . وقال تعالى في المنافقين : (
نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/67 . وفي صحيح مسلم في كتاب الزهد والرقائق عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال : قالوا : يا
رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
فذكر الحديث ، وفيه " أن الله تعالى يلقى العبد فيقول : أفظننت
أنك ملاقي ؟ فيقول : لا. فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ".
وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته
التابعة لحكمته، قال الله تعالى: ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) البقرة /17 . وقال تعالى : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ
يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) الكهف /99 . وقال : (
وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ) العنكبوت/35 .
والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة ، وهي دالة
على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين ،
وإن شاركه في أصل المعنى ، كما هو معلوم عند أهل السنة " اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/172-174) .
*****
34869
أخطاء تقع عند دخول الحرم
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >
(1/3516)
سؤال رقم 34869- أخطاء تقع عند دخول الحرم
نشاهد بعض المحرمين عند دخول الحرم يقومون بقراءة أدعية معينة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك يلتزمون بالدخول من باب معين ، فهل هذا العمل صحيح ؟.
الحمد لله
هذه من الأخطاء التي تقع عند دخول الحرم ، ويمكن توضيحها على
النحو التالي :
" أولاً :
أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يدخل الحاج أو المعتمر من باب
معين في المسجد الحرام ، فيرى بعض الناس مثلا أنه لا بد أن يدخل ، إذا كان معتمرا ،
من الباب الذي يسمى : باب العمرة ، وأن هذا أمر لا بد منه أو أمر مشروع ، ويرى
آخرون أنه لا بد أن يدخل من باب السلام ، وأن الدخول من غيره يكون إثمًا أو مكروهًا
، وهذا لا أصل له ، فللحاج والمعتمر أن يدخل من أي باب كان ، وإذا دخل المسجد
فليقدم رجله اليمنى وليقل ما ورد في الدخول لسائر المساجد ، فيسلم على النبي صلى
الله عليه وسلم ويقول : " اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك " رواه
مسلم (713) .
ثانياً :
أن بعض الناس يبتدع أدعية معينة عند دخول المسجد ورؤية البيت ،
يبتدع أدعية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيدعو الله بها ، وهذا من البدع ،
فإن التعبد لله تعالى بقول أو فعل أو اعتقاد لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه بدعة وضلالة ، وحذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً :
يخطئ بعض الناس- حتى من غير الحجاج - حيث إنهم يعتقدون أن تحية
المسجد الحرام الطواف ، بمعنى أنه يسن لكل من دخل المسجد الحرام أن يطوف اعتمادًا
على قول بعض الفقهاء في أن سنة المسجد الحرام الطواف ، والواقع أن الأمر ليس كذلك ،
فالمسجد الحرام كغيره من المساجد التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا
دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " رواه البخاري (444) ومسلم
(714) .
ولكن إذا دخلت المسجد الحرام للطواف سواء كان الطواف طواف نسك
كطواف العمرة والحج ، أو كان طواف تطوع كالأطوفة في غير النسك ، فإنه يجزئك أن تطوف
وإن لم تصل ركعتين ، هذا هو معنى قولنا إن المسجد الحرام تحيته الطواف ، وعلى هذا
فإذا دخلت بغير نية الطواف ولكن لانتظار الصلاة أو لحضور مجلس علم أو ما أشبه ذلك ،
فإن المسجد الحرام كغيره ، يسن فيه أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس لأمر النبي صلى الله
عليه وسلم بذلك "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
*****
3487
الطهارة بماء زمزم
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الطهارة >
(1/3517)
إرسال تعليق